الرئيسية » الاخبار »   29 أيلول 2013  طباعة الصفحة

أزمة جامعة بيرزيت تحليل للوقائع >>> اعداد مركز بيسان للبحوث والانماء

 


سؤال الورقة: لماذا تتقاضى بيرزيت أعلى رسوم في الضفة وغزة بين الجامعات المختلفة بما فيها الجامعة الربحية الخاصة، ولكنها تنفرد بينها جميعاً بالتعرض للأزمات المالية المستمرة؟

أولاً: تصور نظري للمشكلة
تواجه جامعة بيرزيت أزمة تتصل برفع الرسوم الدراسية على طلبتها القدماء والجدد على السواء. المسوغات واضحة ولا تحتاج إلى تفصيل كبير. تعاني الجامعة من أزمة مالية ولا تستطيع تدبير أمور موازنتها إلا عن طريق زيادة الجباية من جيوب الطلبة. لكن الجامعة لا تقول الكثير عن مواردها ونفقاتها. وهذا أمر غريب بالفعل. إذ ليست الجامعة فيما نحسب مؤسسة أمنية قد تضطرها ظروفها إلى إخفاء جانب من مواردها لأغراض ترتبط بنشاطات معينة لا ترغب في الإفصاح عنها. الجامعة تدفع رواتب موظفيها، وتشتري لوازم معينة، وتتوسع في أبنيتها، وتنفق على البحث العلمي. غني عن البيان أن إسهام العالم العربي مجتمعاً في البحث الإنساني العالمي يقترب كنسبة مئوية من الصفر. وهذا ينطبق على جامعات أعرق وأضخم وأهم من أي من مؤسساتنا بما في ذلك بيرزيت. 
إذن ليس هناك من ميزانية معلنة، وهو أمر يسمح بالحق والباطل بافتراض أن هناك ما تخفيه الجامعة. في هارفارد وبيركلي وستانفورد وكمبردج والسوربون...الخ يعلنون عن ميزانية واضحة تبين الموارد والنفقات وتنشر الميزانية بعد أن تتعرض للتدقيق الداخلي والخارجي لكي يتمكن الجمهور العريض من الاطلاع وأخذ القرار بالدعم والتبرع وما إلى ذلك. هناك جامعات بميزانيات لا تخطر على بال العرب ناهيك عن الفلسطينيين، ولكنها تنشر ميزانيتها. على سبيل المثال لا الحصر بلغت ميزانية جامعة هارفارد في العام 2008 قرابة 45 مليار دولار. كما بلغت ميزانية جامعة تحتل المركز السابع في الولايات المتحدة هي جامعة بنسلفانيا سبعة مليارات دولار. وبلغ مقدار الرواتب التي تدفعها هارفارد حوالي 22 ملياراً على الرغم من أن عدد طلبتها لا يتجاوز 27 ألفاً. أما بنسلفانيا فيبلغ عدد طلبتها 21 ألفاً بينما يبلغ عدد موظفيها 17 ألفاً. كأنما لكل طالب موظف، وقد بلغت نسبة الطلبة للأساتذة، وهي نسبة هامة جداً لقياس أمور معينة في كفاءة التعليم، 6 إلى 1. بالطبع في بيرزيت وأبوديس يمكن أن يصل عدد طلبة الشعبة في المساقات العامة إلى 200 طالب. وفي أحوال المساقات المتخصصة يمكن أن يصل عدد الطلبة إلى خمسين طالباً. وهذا الأمر يفتح على السؤال: لماذا تقع الأزمات المالية إذن؟ هناك مؤشرات على دخل طيب تحصله الجامعة من الطلبة في مقابل خدمات أكاديمية ذات مستوى منخفض. هناك معلمون بعقود مؤقتة يكلفون الجامعة القليل من المال، ولا يتلقون أية حقوق. وهناك برامج تتلقى التمويل خصوصاً عندما يتصل الأمر بالمرأة وحقوق الإنسان، والدراسات الأمريكية ودراسات البيئة إلى آخر قائمة ما يشيع وصفه بالتخصصات الممولة التي تجتاح الجامعة المحلية على حساب العلم الصافي. هل نعود لشعار إيرنست رذرفورد الشهير: "العلم إما أن يكون فيزياء، أو أنه جمع طوابع." حسناً سيد رذرفورد، العلم في بلادنا جمع طوابع من النوع الذي تفضله مراكز التمويل. الجامعات المحلية تعرف ذلك خيراً منا. أليست الجامعة مقراً للنخب التي تصنع الفكر والعلم والثقافة. ألم يقل رئيس جامعة بيرزيت المحترم، إن الجامعة مجتمع من العلماء الصغار والكبار يحمي العقلانية والعلم؟ بلى ولكن التمويل هو سيد الموقف في بلادنا. والبلاد تمتلئ ببرامج لا يعرف أحد على وجه الدقة ما هي الخطة التي تقف وراءها. وهناك سباق لا تخطئه العين بين الجامعات المحلية على استقطاب أكبر عدد من الطلبة وفتح برامج تلزم وبرامج لا تلزم وبغض النظر عن وجود البنية التحتية اللازمة لهذه البرامج أو عدم وجودها. هناك برامج دراسات عليا بكفاءة محدودة جداً تعيد ما يتلقاه الطلبة في الشهادة الأولى "البكالوريوس" ولكن بدرجة أقل من الجدية والاهتمام. ويتم الإلقاء بعشرات الآلاف من الخريجين إلى سوق العمل، لينضموا لجيوش البطالة التي تتراكم طبقات فوق بعضها دون هدف واضح. ويبدو أن هذه البرامج تدر دخلاً رائعاً بسبب ارتفاع ثمن الساعات الخاصة بهذه البرامج إلى ما يزيد على مئة دينار، كما أنها لا تكلف أكثر من أجرة المحاضر الموجود لدى الجامعة أو محاضر بدوام جزئي مع التمتع بالحد الأدنى من الحقوق. هذه برامج تمول موازنة الجامعة المحلية وترفد السوق بخريجات وخريجين لا يحتاجهم السوق، ولا يتمتعون إلا بدربة محدودة. من هنا تبدو فكرة الدراسات العليا كلها نظيراً لشقيقها برنامج التعليم الموازي وسيلة لتحسين دخل الجامعة لا أكثر. 
لا يستطيع المرء إلا أن يحس بالرعب. ولا يستطيع إلا أن يحس بعدم الاطمئنان. ولا نظن أن شخصاً عاقلاً يمكن أن يركن إلى فكرة أن الجامعات لا تستطيع أن تغطي نفقاتها خصوصاً أنها لا تواجه الجمهور بحقائق وضعها المالي. يقع المواطن تحت انطباع له مسوغاته المنطقية والمعلوماتية على السواء: ليست الجامعة المحلية إلا جزءاً عضوياً من اقتصاد تبعي يعتمد على الخارج ويعمل طوعاً أو كرهاً، بوعي أو من غير وعي لتنفيذ أجندات لا تتقاطع كثيراً مع تاريخ بيرزيت بوصفها معقلاً للحركة الوطنية الفلسطينية ومعبراً أصيلاً عن هموم الشعب الفلسطيني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا يعني أن هناك ما يشي بإنتاج نخب معولمة معزولة عن واقعها. ولا يصعب على المرء أن يتلمس ذلك صريحاً في البرامج والمحتوى ومستوى الأداء ودرجة صلته بالواقع. وهذا بالطبع لا ينفصل عن محيطه السياسي الاقتصادي الاجتماعي الكلي، ذلك أنه جزء من الحملة الواسعة التي تجري على قدم وساق ومنذ العام 1990 أو قبله بقليل لإعادة تثقيف الشعب الفلسطيني على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان وحل النزاعات بدون عنف وقضايا المرأة والبيئة. كنت أود أن أتساءل: أي من هذه الأمور تشكل حقاً نقاطاً متقدمة على جدول اهتمامات فلسطين المنهوبة والخاضعة للاحتلال والخالية من الموارد الطبيعية بأنواعها؟ هل تخاطب بيرزيت وأخواتها الهم المحلي؟ أم أن بيرزيت وأخواتها تمثل جزءاً لا يتجزأ من الهم البحثي الكوني؟ وإذا كانت الجامعة المحلية قد أخذت قرارها بأنها جزءاً من المشروع الكوني، فهل ترى لنفسها حقاً موضع قدم في هذا المشروع بالإمكانيات التي يتمتع بها شعب تحت الاحتلال؟ أقصد هل لعاقل أن يفكر أن بيرزيت تريد أن تساهم في المعرفة مثل هارفارد التي تناهز وقفيتها وحدها 29 مليار دولار، أو بنسلفانيا التي تناهز التبرعات التي تتلقاها في كل سنة 900 مليون دولار؟ واضح أن التماهي مع الآخر في سياقنا لا يعني إلا استدخال أجنداته بخصوصنا وهي أجندات لا ترقى بالطبع إلى تحويل فلسطين إلى بلد منتج للمعرفة أو العلوم أو الخبرات الرافدة للاقتصاد الوطني. 
إذا كان تقديمنا السابق محقاً، فلا بد من القول إن الجامعة الفلسطينية مؤسسة تهدف إلى تقديم التدريب ذي الصلة الوثيقة بهموم فلسطين السياسية والاقتصادية والثقافية. وهذا يعني تركيز البرامج في هذا الاتجاه من حيث محتواها، ويعني بشكل أكبر محاولة الوصول إلى أوسع قطاع من شرائح الجمهور الفلسطيني في الريف والمخيم والمدينة. ولذلك فلا بد من أن يكون التعليم شعبياً حقاً. وهذا يتطلب في الحالة المثالية مجانية التعليم واعتماد معيار الكفاءة الأكاديمية معياراً وحيداً لالتحاق الطلبة في الجامعات بغض النظر عن إمكانياتهم المالية. ولكننا بالطبع ندرك الصعوبات الجمة التي تعترض هذا الفهم، وذلك لأنه يحتاج إلى دولة تتبنى مجانية التعليم (بالمناسبة كثير من الدول الرأسمالية التي تسلع الأشياء كلها تحتفظ كاستثناء بهذا الأمر، ومن ذلك ألمانيا قلعة الرأسمال المشهورة). وما دام الأمر كذلك، فإن حداً من المساهمة الطلابية في نفقات الجامعة هو أمر لا يمكن الاستغناء عنه، ولكن ذلك الحد يجب أن يكون في حدوده الدنيا، لكي يسمح لقطاع واسع من المجتمع بتلقي هذه السلعة في سياق حماية معينة لحقوق الطبقات الفقيرة. أما التوجه نحو تسليع التعليم نهائياً وطرحه في سوق معومة وحرة بالمعنى الليبرالي الكامل بما في ذلك برامج التعليم الموازي وما لف لفه، فإنه يقود إلى أمرين معا: الأول تردي مستوى التعليم إلى درك يجعل منه سلعة لا قيمة لها، أما الثاني فهو حرمان الفقراء من هذه السلعة. وهكذا تصبح فرص الحصول على الوظيفة الناتجة عن حيازة درجة أكاديمية مقتصرة على الشريحة العليا، وبعض الشرائح المتوسطة مما يسهم في تعميق إفقار الفقراء، ودفعهم خارج حدود الواقع الاقتصادي الإنتاجي مهما كان ذلك القطاع بائساً وعاجزاً عن أي شيء. وفي هذا السياق عدم الالتزام تجاه الطلبة الذين يعبئون استمارات المسح الاجتماعي بالتنسيق ما بين الجامعة ووزارة الشؤون الاجتماعية ثم يتخلى الفريقان عن الطالب/ة وتتم مطالبته بدفع المستحقات المالية، وإلا تحجز شهادته عند التخرج. وهناك حالات في جامعة بيرزيت مضى على تخرج أصحابها سنوات دون أن يحصلوا على شهادتهم الدراسية بسبب عجزهم عن دفع الديون المستحقة عليهم للجامعة. في مرافق الجامعة لا تحب الجامعة أن تزعج نفسها بإدارة خدمات الطعام وتترك الطالب تحت رحمة القطاع الخاص ليدفع لقاء شطيرة صغيرة من البطاطا (خبز حمام) ستة شواكل. بعض الطلبة يحتاج ربما إلى ثلاثة شطائر أو أكثر لكي يملأ معدته بهذا الطعام الخالي من الفائدة الصحية والغذائية. هناك طبعاً المشروبات الغازية الضارة التي يتم بيعها لقاء ثلاثة شواكل للعبوة الصغيرة. وهناك فروع لمطاعم مشهورة تحمل علامات تجارية تتصل بخدمات للنخب وتتقاضى ستة شواكل ثمن فنجان صغير من القهوة. فهل تريد بيرزيت أن تكون مكاناً مقتصراً على شريحة طبقية معينة؟ يتحدث البعض عن مستوى مختلف لبيرزيت، ومما يسعد المواطن أن تكون بيرزيت في أعلى مستوى ممكن، ولكن ذلك يجب أن يتجلى في مستوى خريجيها ونوعية عمليتها التعليمية، وليس في البذخ المالي الذي يجافي واقع حياة شعب ما يزال سياسياً تحت الاحتلال، بينما يتكون اجتماعياً من غالبية من الفقراء والمحرومين. 
ثانياً: معطيات الميدان
من أجل فهم ما يجري من المنظورات والمواقع المختلفة قام مركز بيسان بإجراء عدد من المقابلات مع ممثلين عن جامعة بيرزيت وممثلين عن الطلبة، ووزارة التعليم العالي على حد سواء. وفي مقابلة مع د. غسان الخطيب الذي يحمل الصفة الرسمية نائب الرئيس للتنمية والاتصال أوضح أن سبب الأزمة الراهنة هو استخدام الطلبة لوسائل قد تكون غير مشروعة ولا أخلاقية ولا منطقية من قبيل إغلاق أبواب الجامعة ومنع الموظفين من دخولها. وقد عزا أساس المشكلة إلى اضطرار الجامعة إلى رفع القسط الجامعي بسبب زيادة نفقاتها الناجمة عن التضخم وزيادة رواتب الموظفين من ناحية وانخفاض مساهمة الحكومة في الموازنة من 2.4 مليون دينار قبل سنوات أربع، إلى رقم يقترب من الامتناع عن المساهمة ألا وهو 193 ألف دينار مما أدى إلى وصول العجز في ميزانية الجامعة إلى أربعة ملايين دينار. 
وقد أوضح د. الخطيب أن هذا الرفع للأقساط يتم بحذر ويقظة حتى لا يؤثر على فرص الطلبة من أبناء الفئات الفقيرة، ولذلك فقد تم الاتفاق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووكالة الغوث على تقديم إعفاء من الرسوم بشكل تام كما يحق للطالب التقدم لطلب منحة جامعية مع بداية التسجيل للفصل الأول وهي منحة لمرة واحدة. وفي هذا العام تم إعطاء منحة ل 429 طالباً من أصل 480 تقدموا بالطلب. وبالمناسبة تستطيع الجامعة بسهولة تجنيد الأموال من الخليج لدعم الطلاب الفقراء وإنشاء المباني ولكن المشكلة والأزمة تأتيان من النفقات الجارية.
يضيف الخطيب: نحن نختلف مع الطلبة في أسلوب مطالبتهم بما يعتقدونه حقاً لهم، ولكننا أيضاً نرى أن لا مناص من رفع الأقساط التي تعتمد عليها النفقات الجارية علماً بأن 80% من موازنة الجامعة تنفق على الرواتب. ويتفق جهاز السلطة السياسي والتعليمي معنا في أن طريقة الطلبة غير مقبولة.
ورداً على سؤال حول نسبة الموازي من عدد الطلبة أوضح الخطيب أنها ما بين 10-11% مع أن الجامعة لا تحب أن ترتفع هذه النسبة. أما عدد الطلبة في برامج الدراسات العليا فهو 1600. 
وقد رفض د. الخطيب ما يتردد حول تحول جامعة بيرزيت إلى جامعة نخب اجتماعية غنية مؤكداً العكس أي أن الجامعة في السابق كانت جامعة نخبة، أما اليوم فهي جامعة للفقراء. وقد تحدى أحداً أن يثبت أن طالباً قد غادر بيرزيت بسبب سوء وضعه المالي. 
أخيراً بين الخطيب أن لا حل لمشكلة الجامعة المالية إلا بزيادة الأقساط لأن القطاع الخاص الفلسطيني مثل الخليج لا يتبرع للنفقات الجارية، كما أن الجامعة لا تستطيع أن تنتج البحث وتبيعه للقطاع الخاص لأن الصناعة غائبة في بلادنا. وقد بين نائب رئيس الجامعة أن لا مكان للمقارنة بين الجامعات الخاصة وبيرزيت لأن بيرزيت تتفوق في معاييرها الأكاديمية خصوصاً نسبة الطلبة للأساتذة التي تنخفض إلى 23 إلى 1 وتستطيع بيرزيت زيادة عدد الطلبة وتغطية عجزها المالي. 
تأتي المعطيات المقدمة من وزارة التعليم العالي مناقضة في نواح عديدة للمعطيات المقدمة من الجامعة. فقد أبدى أحد الموظفين الكبار في وزارة التعليم العالي والذي رفض الإفصاح عن اسمه تعاطفاً صريحاً مع إغلاق الطلبة للجامعة مبينة أن ذلك تعبير عن عدم قدرتهم على دفع الأقساط الباهظة التي تطلبها الجامعة. ذلك أن 70% من الموظفين الذين هم غالبية الشعب الفلسطيني يعيشون تحت خط الفقر. وعندما يصل ثمن الساعة في بيرزيت إلى خمسين ديناراً يكون من الواضح عدم استطاعة الطلبة من هذه الفئات أن يدفعوا الرسم الجامعي خصوصاً عندما يتصادف أن يكون لدى الأسرة أكثر من طالب على مقاعد الدراسة الجامعية في الوقت ذاته. 
لكن بيرزيت بحسب الموظف المشار إليه تتجه نحو الخصخصة والنخبوية في آن. ويبدو أن الدكتور الهندي (رئيس جامعة بيرزيت) يريد أن تكون الجامعة حكراً لأبناء شريحة طبقية معينة. ولا معنى غير ذلك لأن يكون ثمن الساعة العادية في بيرزيت مساوياً لثمن ساعة الموازي في الجامعة الأردنية على سبيل المثال. ويضيف الموظف في وزارة التعليم العالي أنه على الرغم من أن موظفي الجامعة الأهلية مثل بيرزيت يتقاضون رواتب ضعف زملائهم في الجامعة الحكومية إلا أنه يتم رفع رواتب هؤلاء من قبيل بيرزيت والنجاح باستمرار على حساب الطلبة. ولكي يتسنى ذلك البذخ لا بد من زيادة نسبة الموازي الذي تحدده الوزارة بنسبة خمسة في المائة لا تلتزم بها الجامعات جميعاً، وخصوصاً بيرزيت. وهناك حقائق مذهلة من نوع أن تكلفة الساعة المعتمدة في بيرزيت أغلى من بقية الجامعات. وعند المقارنة مع غزة نجد أن سعر الساعة قد يصل إلى ضعفين ونصف. وعلى الرغم من ذلك لا نجد ضائقة مالية في غزة وإنما في بيرزيت. ويضيف الموظف: "أود أن أؤكد أن سعر الساعة يجب أن يكون موحداً في الجامعات المحلية باستثناء الخاصة التي هي ربحية. وعلى ذكر هذه الأخيرة نجد أنفسنا مرة أخرى أمام مفاجأة لأن جامعة جنين تحقق ربحاً مقداره مليون دولار سنوياً على الرغم من أن أسعارها أقل من بيرزيت. ولذلك فقد طلبنا من بيرزيت كشفاً بالموازنة، ولكن لا حياة لمن تنادي. أشك أن هناك سوء إدارة مالية. ودعنا نذكر شيئاً: في العام الماضي عندما كان غسان الخطيب ممثلاً للحكومة كان يشكك في ادعاءات بيرزيت. اليوم يقول عكس ما كان يقوله في السابق ويصرح تصريحات نارية ضد الطلبة. لو كنت مكان الخطيب لنصحت إدارتي بتحويل بيرزيت إلى جامعة خاصة، وربما عند ذلك تقوم الحكومة بفتح جامعة حكومية في رام الله للفقراء، وليذهب هو بالنخب المالية التي يستهدفها." 
المقابلة الأخيرة كانت مع ثلاثة ممثلين عن الكتلة الإسلامية والشبيبة والقطب الطلابي الديمقراطي. وقد كانت إجاباتهم متشابهة على الرغم من اختلاف خلفياتهم الأيديولوجية والسياسية. واللافت أنهم يعدون الحكومة المسؤول الأول عن الأزمة لأنها لا تدفع المخصصات المستحقة للجامعات. وقد عبروا عن الاستياء لأن وزير التعليم العالي يسلك وكأنه وسيط بين الطلبة والجامعة مع أن دوره يجب أن يكون أكثر مسؤولية من ذلك. ويعتقد الطلبة أن القرار في بيرزيت موجود لدى مجلس الأمناء وخصوصاً السيد حنا ناصر. 
يرى ممثلو الطلبة أن سياسات الجامعة ستكرس تحويل الجامعة إلى مؤسسة لخدمة طبقة معينة. أما إذا كان هناك من يريد خلاف ذلك فعليه أن يعمل على حماية الطلاب الفقراء من خلال وحدة مسح اجتماعي حقيقية في الجامعة. كما أن على الجامعة إن كان لديها مشكلة مالية أن تسعى لحلها بعيداً عن جيوب الطلبة وبطريقة حاسمة تنهي هذا المسلسل الذي يتكرر كل مطلع فصل دراسي جديد.
خلاصات: 
يعتقد الدكتور الخطيب أن 
- المشكلة لدى الحكومة والطلبة.
- الجامعة تعاني من خلل حقيقي في موازنتها.
- لا يوجد مخرج إلا رفع الأقساط.
- ليس صحيحاً أن الجامعة تريد التحول إلى مؤسسة للنخبة.
يعتقد موظف وزارة التعليم أن:
- المشكلة لدى جامعة بيرزيت.
- ربما تكون أزمة بيرزيت ناتجة عن سوء إدارة من نوع أو آخر.
- تتجه الجامعة نحو الخصخصة والتحول إلى جامعة لنخب طبقية معينة.
- تكشف المقارنات مع الجامعات المحلية وجامعات عربية مجاورة أن بيرزيت تتقاضى رسوماً أعلى من الجميع وتنفرد بأنها الجامعة الوحيدة التي تعاني من أزمة مالية خانقة.
توصيات:
- لا بد من إفصاح الجامعة عن موازنتها الدقيقة والمراجعة من قبل مختصين خارجيين وعبر وسائل النشر المعروفة.
- قد يكون من مهمات وزارة التعليم العالي إلزام الجامعات بذلك الإفصاح.
- إجراء حوارات علنية وعبر وسائل الإعلام بين ممثلي الطلبة والوزارة والجامعة وخصوصاً فيما يتصل بانفراد بيرزيت بالأزمة على الرغم من امتيازها بأعلى الأسعار.
- مراجعة المسوغات التي تسوقها إدارة الجامعة لتسويغ أسباب أزمتها وإخضاعها للنقاش والتحليل في المستوى العام.
- يجب أن يكون واضحاً لدى الجميع أن الجامعة العامة هي مؤسسة مدنية تشكل جزءاً لا يتجزأ من الهم العام ولا يجوز أن تكون أمورها حكراً على أية جهة بما في ذلك الإدارة الجامعية ووزارة التعليم العالي.
- وعلى وجه إجمالي لا بد من التوقف عند السياسات الاقتصادية والاجتماعية العامة التي تنتهجها الحكومة، والتي تترك السوق حراً من كل قيد مما يحول التعليم والحقوق الأخرى إلى سلع للتبادل في السوق لا يقدر الفقراء على ابتياعها يصعب على الفقراء شرائها. ولا بد أن خصخصة المرافق في بيرزيت قد فاقمت الأمور وزادت من ثقل وطأتها على الشرائح الفقيرة.