الرئيسية » الاخبار »   09 حزيران 2013  طباعة الصفحة

ارتفاع أسعار الكهرباء ينذر بموجة غلاء جديدة تصعق المواطن والاقتصاد

 

 
رام الله ـ أثار رفع أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي والتجاري بنسبة ملموسة (8.8 ٪)، قلقا واسعا وخشية من أن يقود ارتفاع هذه السلعة الاستراتيجية الى موجة غلاء جديدة تفقد الأسر الفلسطينية القدرة على تأمين توفير الخبز والماء وكثير من السلع والخدمات الأساسية.
 
وسجلت أسعار الكهرباء التي تستحوذ فاتورتها على نسبة مهمة من دخل الأسر ارتفاعا وصل إلى (33.7 %) خلال 18 شهرا، ويتوقع استمرار الارتفاع حتى نهاية عام 2014، ما يزيد من تكاليف المنتجات التي تعتمد على الكهرباء في انتاجها.
 
وترافق رفع تعرفة الكهرباء مع موجة غلاء تشهدها الأسواق الفلسطينية، في ضوء تراجع القدرة الشرائية للمستهلك وتآكل الرواتب ما دفع فعاليات ونشطاء للخروج للشارع رفضا للغلاء ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، والدعوة الى الامتناع عن تسديد الزيادة ضمن حملة وطنية منسقة.
 
رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية قال، "حملة الكهرباء حق إنساني.. لا يجوز رفع أسعار استهلاكها" انطلقت في محافظة رام الله والبيرة بالشراكة مع الغرفة التجارية الصناعية، والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والحراك الشبابي الوطني.
 
ومع اطلاق الحملة عمليا على شكل احتجاج اجتماعي في الشارع مترافقة مع نشاط توعوي لجمهور المستهلكين، شرع المنظمون بجمع التواقيع على رسالة سترفع للرئيس محمود عباس للمطالبة بوقف اجراءات الرفع التي طالت الكهرباء والمحروقات وضريبة القيمة المضافة.
 
ويعزو مجلس تنظيم الكهرباء ارتفاع الأسعار الى الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة، ولجوء إسرائيل (المزود الرئيسي للشركات الفلسطينية) إلى السولار الصناعي في توليد الكهرباء بدلا من الغاز الطبيعي الذي كانت تستورده من مصر، ما يرجح رفع جديد بداية عام 2014.
 
وبهذا الصدد قال هنية، المبرر الجاهز الذي يتم الاختفاء خلفه يتمثل بالارتفاع من المصدر الإسرائيلي، وهذا يعود لبروتوكول باريس الاقتصادي الذي يوقعنا ضمن غلاف جمركي واحد". واضاف: "لذلك دعونا من ضمن عناوين حملتنا الى تشكيل لجنة مختصة تكون مرجعيتها منظمة التحرير ضمن سقف زمني محدد وبمرجعيات واضحة لمراجعة جدية وواضحة لبروتوكول باريس الاقتصادي وتعديله ليصبح أكثر عدلا وإنصافا، وإعلان الخطوات العملية بخصوصه للرأي العام الفلسطيني".
 
وتوجه جمعية حماية المستهلك انتقادات شديدة لطريقة تعاطي الحكومة مع ما تصفه بقرارات مفصلية منها الارتفاع الحاد في أسعار الكهرباء. 
 
وقالت ان سياسات حكومية وعدم اقدامها على اتخاذ خطوات لامتصاص الارتفاع وتحسين الرواتب ودفع بدل علاوة غلاء معيشة مناسبة دفعتها إلى إطلاق الحملة من أجل التراجع عن رفع سعر الكهرباء.
 
ويرى هنية ان استخدام جزء من العوائد المتحققة من جمارك ومكوس التبغ والعوائد المتحققة عن مختلف أنواع الضرائب ينبغي توظيفه باتجاه دعم السلع الأساسية لخفض أسعارها للمستهلك وتوجيهها باتجاه رفع كفاءة القطاع الصحي الفلسطيني.
 
وحسب أسعار عممها مجلس تنظيم الكهرباء على الشركات، سيتم بيع الكهرباء للمواطنين بسعر يتحدد حسب كمية الاستهلاك تصاعديا على خمس شرائح بواقع 49 أغورة لكل كيلو واط للشريحة الأولى، و52 للثانية، و63 للثالثة، و66 للرابعة، و73 للخامسة، وسيباع للقطاع الصناعي بـ53 أغورة، والزراعي بـ49 أغورة، وهي تسعيرة تدعمها الحكومة. 
 
وحذر هنية من تداعيات وانعكاس رفع تعرفة الكهرباء على المستهلك بصورة مباشرة واخرى غير مباشرة عن طريق رفع السلع قائلا: الارتفاع في أسعار الكهرباء بنسبة 8.8 % تطال المشتركين في شركات الكهرباء ويمتد ليشمل قطاعات وسلعا وخدمات على تماس مباشر مع الجمهور.
 
واضاف هنية، مرافق المياه على سبيل المثال سترتفع فاتورتها من الكهرباء كونها الأكثر استهلاكا للتيار، وهذه المرافق وصلت كلفتها السنوية مليوني شيقل.. هذا اذا لم ترتفع الأسعار مرة أخرى قبل نهاية العام، ما يشير الى تداعيات وخيمة وموجة غلاء تلوح مجددا في الأفق المنظور.
 
وتسعى شركات الكهرباء وبدعم خارجي الى تعميم عدادات الدفع المسبق لجباية ثمن التيار مسبقا من المواطن. يقول هنية: سياسة العدادات مسبقة الدقع تهدف الى تحقيق جباية الأموال سلفا كسياسة لمجلس تنظيم قطاع الطاقة، وقامت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية بجلب أموال من المانحين لتوسيع قاعدة تركيب هذه العدادات، فيما تقوم هيئات الحكم المحلي بتحميل العديد من الخدمات على العداد مسبق الدفع مثل النفايات وإنارة الشوارع وضريبة القيمة المضافة، مشيرا إلى أن أول من تأثر بالارتفاعات هم مشتركو هذه العدادات.
 
ولتوضيح الأمر رقميا قال هنية: إذا كان مشترك في شركة كهرباء محافظة القدس على سبيل المثال يشحن بـ 100 شيقل 167 وحدة، فانه وبعد الرفع انخفض عددها إلى 141 وحدة وهذه أرقام موثقة لدينا. 
 
وأضاف، حتى لا نغرق المواطنين بالتفاصيل، اعتبرنا أن الكهرباء حق إنساني، وبغض النظر عن حجمه فإن أي ارتفاع فيها سيؤثر سلبيا على المستهلك الفلسطيني في ظل تراجع قدرته الشرائية، وهناك نسبة لا يمتلكون دخلا ثابتا منتظما، وهؤلاء هم الذين اطلقنا الحملة من أجلهم خصوصا أن المهنيين (الحدادة، الألمنيوم، النجارين، أصحاب المحلات التجارية) يعانون من عدم انتظام وتذبذب وتراجع الدخل وهؤلاء هم المتضررون من الارتفاع حسب نسبة الاستهلاك إضافة إلى 10 شواقل مبلغ مقطوع، ومتفرقات، ومشاريع تطويرية مشمولة بالسعر، وإنارة الشوارع، وجمع النفايات وضريبة القيمة المضافة 16 %.
 
ودعا هنية مجلس تنظيم قطاع الطاقة إلى التدقيق والمراقبة على الشركات والبلديات غير المنضوية ضمن الشركات حتى لا يتم اسقاط المصاريف الإدارية للشركات ومصاريفها النثرية على أسعار الكهرباء للمستهلك، وللالتزام بالتعرفة بشكل دقيق، وهنا تظهر مفارقة عندما يتلقى المستهلك فاتورته عن شهر حزيران الجاري التي ستتضح فيها حجم الارتفاعات.
 
وتستورد الضفة أغلب احتياجاتها من التيار الكهربائي من إسرائيل مع تراجع وانعدام القدرة على التوليد، وقلة مشاريع الطاقة البديلة بعدم إبداء أية جاهزية لمواجهة التحذير من المصدر بخصوص ارتفاع الأسعار منذ 15 شهرا مضت، وعدم التوسع في الطاقة المتجددة والبديلة، وعدم البحث في مشاريع توليد الكهرباء في الضفة الغربية.
 
ورغم ذلك قال هنية، "يجب أن نقر أن التعرفة الموحدة للكهرباء شكلت علامة فارقة خصوصا أن لدينا مجلس تنظيم قطاع الطاقة والذي يغيب مثل هذا المجلس عن قطاع المياه وعن قطاع الاتصالات، وقد أخذت التعرفة نقاشا مطولا في مجلس الوزراء وإقراره يعتبر انجازا، ويسجل لرئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض".
 
ورأى هنية ان الفلسطيني في هذا الجانب يقف أمام مشكلة مركبة تتمثل بأن ارتفاع الأسعار من المصدر ستتواصل حتى نهاية عام 2014، وفي المقابل هناك عدم جاهزية فلسطينية، ما يجعلنا عرضة لارتفاعات غير محتملة مرتبطة بالارتفاع بالمصدر الإسرائيلي، داعيا الى حلول ابداعية خلاقة تتجاوز تكرار النسخة الجاهزة لتجربة توليد الكهرباء في غزة والتي لم تشكل قصة نجاح، فيما لا تزال مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة خجولة.
 
وقال هنية، هذه الحلول الخلاقة تتحمل مسؤوليتها الجهات الرسمية، شعبيا لن نتحمل أعباء اضافية لأننا لم نحصل على أي تحسن يذكر على المستوى المعيشي، وشعبيا لن نتمكن من دفع فروق السعر المتحققة على الارتفاع.
 
وأضاف، الحملة ستتواصل لتوحيد تعرفة رسوم الربط والتوصيل التي تشكل عبئا كبيرا على المشتركين الجدد، وفوائد التأخير التي تجبى من المشتركين وقطع التيار عمّن يتأخر بالتسديد.
 
وتقول الحكومة انها امتصت جزءا من ارتفاع أسعار الكهرباء العام الماضي ولا تزال تدفع الفارق ضمن تدابير أخرى للتخفيف عن المواطن.
وتطالب جمعية حماية المستهلك بدعم السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج، لكن هنية يقول، الجواب الجاهز دائما، لا نمتلك موازنة تلبي هذا الأمر".
 
وحول الإجراءات قال، "الحكومة قدمت دعما عشوائيا في قطاع الكهرباء لمن يستحق ومن لا يستحق، وتسدد أثمان كهرباء عن البلديات للمصدر الإسرائيلي ويعفى من لم يدفع ليبدأ من جديد، وفي المحصلة تتخلف مؤسسات حكومية عن دفع الفواتير بينما تقطع الكهرباء ويبيت المواطن وأسرته في الظلمة في حال تخلفه عن دفع فواتير تصعقه أسعارها شهرا بعد آخر".
 
نقلا عن الحياة الجديدة ...