الرئيسية » الاخبار »   29 آذار 2013  طباعة الصفحة

قـنـاة الـبحـريـن قـفـز عـن الـوضـع النهائي من نمط القفز في الهواء

 

 
 

 

العنوان الرئيس الذي أحفظه عن ظهر قلب في ملف المياه "تحصيل حقوقنا المائية وفوق حصتنا المائية"، يتفرع عن هذا العنوان قضية محورية "الشعب الفلسطيني يتطلع بحساسية وقلق كبير لموضوع المياه" والسبب الرئيس أن الاحتلال يسرق مصادرنا المائية ويمنعنا من حق المشاطأة على البحر الميت وعلى نهر الأردن ويدمر البيئة ويستنزف المصادر.

عاد ملف المياه ليحتل جزءاً مهماً من أولوياتي وبالتالي سأعكسها كتابة في هذه المساحة المتاحة في "الأيام" والسبب أن نقاشاً مفتوحا حدث الأسبوع الماضي حول مشروع قناة البحرين (مشروع دراسة ناقل مياه البحر الأحمر – البحر الميت) حيث أعد البنك الدولي دراسات الجدوى ودراسات الأثر البيئي وحاول أن يبدو محايدا في الموضوع وانه تدخل بناء على طلب الأطراف الإقليمية لإجراء الدراسات التي كلفت ماليا ما كلفت.

قد أبدو كاتبا متخصصا في البحث في كل صغيرة وكبيرة في ملف المياه على قاعدة ( وراء الأكمة ما وراءها ) عمليا إنني في هذه المساحة أسعى للتعبير عن نبض الرأي العام ما استطعت لذلك سبيلا لأنني لا أمثل كل الرأي العام ولست حاملا لمجس اعرف من خلاله كل ما يجول في خاطرهم، ولكنني استطيع القول أنني أشارك الناس تحسسهم من موضوع المياه كثيرا ومشروع دراسة ناقل مياه البحر الأحمر – البحر الميت سيزيد الحساسية حساسية.

ولمست خلال النقاش لأخذ تغذية راجعة على الدراسات بخصوص المشروع أن المياه تحتل أولوية قصوى لدى الشعب الفلسطيني للشرب وللري، ولكن ضمن عناوين واضحة هي الحقوق المائية وتحصيلها والأهم من هذا وذاك تحديد كمية هذه الحقوق من جهات الاختصاص حتى نعرف عن ماذا نتحدث أصلا.

ما لمسته في ورشة التغذية الراجعة التي عقدت في أريحا أننا سحبنا من نقاش المشروع والدراسات إلى نقاش مشكلة المياه في دولة فلسطين وكيف نشرب وما هي الآبار والسدود ومشاريع محطات تنقية المياه العادمة.

ظهرت سلطة المياه الفلسطينية وكأنها مغلوبة على أمرها وكأن أمرا اكبر من إرادتها يقع، وحاولت جهدها الظهور بمظهر انها لا تصنع القرار وأن هناك لجنة توجيهية مكونة من وزارة التخطيط، وسلطة الطاقة، ودائرة شؤون المفاوضات، وسلطة المياه التي ترأسها، وأنها ترفع توصيات، واعذروني أن ادخل في عمق التحليل النفسي فقد بدت سلطة المياه أكثر لينا تجاه المشروع.

النقاش كان مركزا على أهمية البحر الميت وضرورة تصنيفه لدى اليونسكو والحفاظ على توازن الطاقة والكتلة للبحر الميت، خصوصاً أن البحر الميت يفقد متراً سنوياً وتشكل حفر انهدام بسبب تحويل مياه نهر الأردن وصناعة البوتاسيوم.

النقاش تضمن سؤالا مفاده :هل البنك الدولي يتحمل مسؤولية البعد البيئي من هذا المشروع؟

كيف يوافق البنك الدولي على مشروع سببه سرقة مياه الفلسطينيين؟

حاول البنك الدولي أن يبدو محايدا رغم أن المقدمة من قبله كانت تقول :مع 15/3/2013 لن نستقبل ملاحظات حول الدراسات ونعد النسخة النهائية ونقدمها للأطراف الإقليمية، ولم يقدم إجابات شافية في النقاش خصوصا ملاحظات من عيار ( أنكم ظهرتم أمامنا فجأة وبتم مهتمين بهذا المشروع ولم تهتموا بقضايا تتعلق بحقوق المشاطأة لدولة فلسطين على البحر الميت ) ( أين هي تقاريركم التي توضح الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع المياه في دولة فلسطين ).

• من خلال دراسات المشروع بات من الواضح بالنسبة لي على الأقل أن تراجعا فلسطينيا وقع في ملف المياه كملف من ملفات الوضع النهائي، جوهر هذا التراجع أننا دائما كنا نقول نريد تحصيل حقوقنا المائية كاملة غير منقوصة ومن ثم ننظر في مشاريع التحلية ولا يجوز أن نقفز للتحلية قبل التحصيل، اليوم نحن مع هذه الدراسة من البنك الدولي نقفز للتحلية قبل الحصول على حقوق المشاطأة لنهر الأردن والبحر الميت وقبل أن نضمن حقوقنا المائية، لماذا وقع هذا التراجع التفاوضي غير التكتيكي وغير المصلحي. علماً بأن واحدا من أهداف المشروع توفير المياه الصالحة للشرب بواسطة عمليات التحلية على نطاق واسع .

السؤال الأهم: هل ستكون الأطراف الاقليمية بما فيها دولة فلسطين على قدم المساواة في إدارة هذا المشروع والاستفادة منه أم أن الغلبة ستكون لإسرائيل.

السؤال المهم التكلفة المالية للمشروع التي تصل عشرة مليارات دولار من اين ستأتي، وهل ستتحمل إسرائيل عقابا لها على تدمير البيئة واستنزاف المصادر جزءا معتبرا من تكلفة المشروع أم أن الموضوع ليس في الحسبان وعفا الله عما مضى ونذهب صوب المانحين لنبحث عن تمويل.

السؤال الآخر ما هي الشروط المرجعية لعمل الشركات التي ستنفذ المشروع وكيف نضمن عدم تدمير البيئة والحفاظ على الارث المتعدد الابعاد للبحر الميت.

السؤال الذي يجب أن يطرح على هامش هذا المشروع هل لا زلنا لم نحدد قيمة حقوقنا المائية، وهل يوجد لدينا سيناريوهات للاحتياجات الاكثر من حقوقنا المائية، وهذا ليس سؤالا هدفه تسجيل المواقف ولكنه سؤال يقفز للذهن على هامش هذا النقاش الصاخب حول مشروع قناة البحرين.

إنه من الواجب والملح أن نعالج التآكل في موقفنا التفاوضي من كافة قضايا الوضع النهائي حتى لو لم تكن هناك مفاوضات وحتى لو لم يكن هناك وضع نهائي وحتى لو لم يكن هناك شيء يذكر، ولكن يجب أن ننشط ذاكرتنا بالشروط المرجعية لموقفنا الثابت والراسخ والمعلن من قضايا الوضع النهائي.