الرئيسية » الاخبار »   04 شباط 2013  طباعة الصفحة

نابلس : اسكان الافق .. بلا افق!

 

 
اسكان الافق في نابلس
اسكان الافق في نابلس
 
نابلس -  دوت كوم - عماد سعاده - فوق تلال نابلس الغربية الجميلة، والمهددة دوما بالاستيطان والمصادرة، يرقد بلا حياة او حراك، ومنذ سنوات، اسكان كبير للمعلمين يدعى "اسكان الافق".

يضم الاسكان 173 وحدة سكنية غير مأهولة؛ حيث لا ماء ولا كهرباء ولا شوارع ولا شبكة صرف صحي، تقابله من تلة مجاورة، غربا، مستوطنة "شافي شمرون"، التي تعج بالحياة، وينعم سكانها بالماء والكهرباء والشوارع والحدائق وكل اشكال الرخاء التي تؤهلهم للبقاء فوق ارض ليست ارضهم.

ويقول المعلمون المشتركون في الاسكان، انهم لم يهرموا فقط بانتظار "اللحظة التاريخية" للاقامة في منازلهم الجديدة، بل مات بعضهم قبل ان تحين هذه اللحظة التي اصبحت "حلما مجمدا في ثلاجة".

ويرون ان اسكانهم وهو واقعي وليس افتراضي وعمره سنوات، "يستحق ايضا اهتماما شعبيا ورسميا واعلاميا، كذلك الذي حظيت به قرية باب الشمس او قرية الكرامة".

اسكان الافق
بدأت حكاية "اسكان الافق" عام 1997، يوم كانت السلطة الفلسطينية في عصرها الذهبي، حيث تداعت مجموعة معلمين من ذوي الدخل المحدود، لتأسيس جمعية تعاونية اطلقوا عليها اسم "جمعية الافق التعاونية"، واخذت على عاتقها تأسيس اسكان متواضع لاعضائها بالتعاون مع اتحاد المعلمين الفلسطينيين، آملة الاستفادة من أي"دعم تشجيعي" قد تقدمه لها الحكومة التي كانت تنعم بتمويل وفير من المانحين.

لكن رئيس الجمعية هاني مقبول يقول لـ دوت كوم، ان "كل الوعود من السلطة الفلسطينية لدعم مشروعنا ظلت حبيسة الادراج، وادركنا لاحقا انه ليس علينا الا ان نتخطى الاوهام ونشمر عن سواعدنا ونشد الاحزمة على بطوننا في سبيل تحقيق الحلم".

زاد عدد المعلمين المنضمين للجمعية في تلك الفترة عن 400 معلما ومعلمة، وبدأوا باقتطاع مبالغ بسيطة من رواتبهم البسيطة اصلا، وادخروها قرشا فوق قرش، ونجحوا في النهاية بتأمين قطعة ارض فوق تلة جميلة متوسطة الارتفاع تتوسط قرى اجنسنيا والناقورة وزواتا، غرب مدينة نابلس.

ويقول أمين الصندوق في الجمعية وضاح الصايغ، بأن المعلمين الاعضاء في الجمعية، واصلوا الاقتطاع من رواتبهم على حساب قوت اطفالهم. وقبل عدة سنوات، تم البدء فعلا بانشاء المساكن بالاتفاق مع احد المقاولين من نابلس. وبالفعل فقد تم انجاز 173 وحدة سكنية مستقلة (عظم) بكلفة 5 ملايين دينار اردني، دفع اصحابها حتى الان نحو 75% من الاقساط المستحقة، ولكنهم توقفوا عن الدفع منذ 3 أشهر بسبب انقطاع الرواتب.

انتهى العمل في بناء مساكن المشروع قبل بضعة سنوات، الا ان هذه المساكن الجديدة والجميلة، تبدو اليوم مهجورة، لا يستطيع اصحابها السكن فيها، لعدم توفر مقومات الحياة فيها.

"حلم السكن في منازلنا هذه قد تبدد" يقول مقبول.ويضيف رئيس الجمعية "انا أحد الذين فقدوا الامل بالانتقال الى السكن هنا، ولذلك اضطررت لشراء شقة اخرى داخل المدينة".

ويقول مقبول بان "الكثيرين من اصحاب هذه المساكن يعتقدون الان انهم خسروا اموالهم ووقتهم من دون فائدة، فهم لا يزالون يدفعون اقساط هذه المساكن، اضافة الى اجور منازلهم المستأجرة. لقد كانوا يعتقدون انهم سينتقلون الى مساكنهم الجديدة خلال فترة قصيرة، واذا بالامر يمتد لسنوات وسنوات، وقد توفي بعضهم، وسكنوا القبور قبل ان ينتقلوا للاقامة في منازلهم هنا".

"لقد ضاق الافق باسكان الافق"، يقول مقبول.

ويتابع رئيس الجمعية وفي عينيه نظرة عتاب:"طرقنا كل الابواب التي يمكن طرقها لمساعدتنا في انجاز البنية التحتية لمشروعنا هذا، ولكن لا حياة لمن تنادي".

خلال انتفاضة الاقصى اغلق الاحتلال الشارع الذي يربط مدينة نابلس باسكان الافق، وهو شارع قصير لا يزيد طوله عن 2 كم، بحجة انه يقطع طريقا التفافيا يربط مستوطنة "شافي شمرون" غرب المدينة بمعسكر للجيش الاسرائيلي فوق قمة جبل عيبال جنوبا، ومنذ تلك الفترة يضطر مالكو المساكن في مشروع الافق لسلوك طريق بديل ووعر يزيد طوله عن 20 كم.

في العام الماضي نجحت جهود قادها محافظ نابلس جبرين البكري وبمساعدة من مبعوث الرباعية الدولية "توني بلير" الذي زار الموقع باقناع اسرائيل في اعادة فتح الطريق الى اسكان الافق.

"كانت هذه الخطوة مبعث امل كبير لاصحاب المشروع، في تحقيق المزيد من الخطوات التي تقرب ذلك اليوم الذي يتمكنون فيه من الانتقال الى منازلهم الجديدة"، يقول الصايغ.

ويضيف الصايغ: "رغم مضي نحو عام على اعادة فتح الشارع من قبل الاحتلال، الا ان الخراب فيه ظل على حاله، فهناك مقاطع مدمرة بحيث لا تستطيع المركبات اجتيازها، ولم تتقدم أي جهة لاعادة تأهيل الشارع، رغم اننا طالبنا بذلك مرارا وتكرارا، ولا زلنا نسلك الطريق البديل والطويل".

المشروع برمته أشبه بقرية صغيرة نموذجية، وحداتها السكنية مرتبة وليست عشوائية، مقاساتها واشكالها موحدة وتصاميمها جذابة، وكل وحدة تتكون من شقتين، ومسموح البناء عموديا لاربعة طوابق فوق كل وحدة، ولو سارت الامور كما يرام لكان يسكنها الان نحو 1000 شخص وربما اكثر، من اولئك الهاربين من اكتظاظ المدينة وضيق شققهم المستأجرة، الى فضاء رحب فيه متسع للعب اطفالهم.

ويرى رئيس الجمعية، مقبول، ان "قيمة المشروع لو انجز بالشكل المطلوب، لا تكمن فقط في كونه يشكل حلا بسيطا لمشاكل السكن في المدينة، وانما يشكل مدخلا ونموذجا عمليا لمواجهة الاستيطان، فهناك الى الغرب من المشروع تقع مستوطنة "شافي شمرون"، والى الشرق يقع معسكر للجيش الاسرائيلي فوق قمة جبل عيبال، والى الجنوب من المشروع يوجد طريق التفافي شقه الاسرائيليون للربط بين مستوطنة "شافي شمرون، ومعسكر الجيش في جبل عيبال".

ويتابع : "ان اقامة قرية فلسطينية جديدة بحجم اسكان الافق الذي تضم 173 وحدة سكنية في مواجهة الاستيطان، خطوة جديرة بالاهتمام وتستحق الاسراع في توفير كامل البنية التحتية من ماء وكهرباء وشوارع وشبكات صرف صحي".

ويشير مقبول الى ان هجران الموقع شجع جنود الاحتلال قبل عدة ايام على اجراء تدريبات عسكرية فيه.

ويخشى اصحاب المشروع من سيطرة المستوطنين عليه، ويتساءلون: اين هم دعاة الصمود فوق الارض ومواجهة الاستيطان؟.