الرئيسية » الاخبار »   29 كانون الأول 2012  طباعة الصفحة

2012 عام المستهلك الفلسطيني بامتياز.. و2013 حقوق المستهلك واجبة النفاذ بقلم: صلاح هنية

نستطيع الخلوص إلى نتيجة واضحة المعالم مفادها أن العام 2012 عام المستهلك الفلسطيني بامتياز وبشكل جلي، وهذا الاستنتاج ليس قفزاً في الهواء دون مرتكزات وفرضيات، لماذا وصلنا لهذا الاستنتاج إذن:
أولاً: لم يسجل على مدار العام 2012 اختراق فاضح واضح عن سبق الإصرار والترصد باتجاه انتهاك حقوق المستهلك مقارنة بما وقع في العام 2011 من نماذج ممنهجة ومخططة للمس المباشر بالمستهلك.
ثانياً: استناداً لما وقع في العام 2011 باتت مكونات المجتمع الفلسطيني أكثر وعياً وإدراكاً لحقوقه ويعرف كيف يدافع عنها تحت مظلة جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، لذا كانت طواقم حماية المستهلك في وزارات الاختصاص ولجان السلامة العامة في المحافظات أكثر حرصاً على إبراز تدخلاتها ومساعيها للحفاظ على سلامة المستهلك، بعكس ما كان يحدث في العام 2011 عندما كانوا ينقضون غالباً على أي نقد أو دعوة أو توجيه أو مناشدة.
ثالثاً: في العام 2012 اشتد عود جمعية حماية المستهلك الفلسطيني (ليس على مستوى الوطن ككل) رغم الجراح التي أثخنتها وهي قيد التأسيس وتحسس مواقع الخطأ والصواب في مسيرتها الأولى حيث باتت عديد الجهات في العام 2011 تحاول أن تتمرجل وتبرز عضلاتها على الجمعية في محاولة لإخلاء المشهد من هذا الجسم لصالح التفرد في مسيرة حماية المستهلك الحكومية الرسمية.
رابعاً: حجم التحديات التي واجهت المستهلك الفلسطيني في العام 2012 من حيث تراجع الوضع المعيشي والمالي في دولة فلسطين جعلت الجميع وعلى رأسها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني (ليس على مستوى كل الوطن) تعمل من منطلق أنها جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة، لذلك كان لسان حالها واضحاً في الحوار الاقتصادي الاجتماعي حيث سعى لاستبعادها عن هذا الحوار في بدايته من قبل أحد أعضاء لجنة تيسير الحوار.
خامساً: في العام 2012 تعاطى الإعلام الاقتصادي المقروء والمسموع والمرئي والإلكتروني بمسؤولية ومهنية أكبر نسبياً مع قضايا حماية المستهلك الفلسطيني أسوة بما كان في العام 2011، بصورة جعلت التحقيقات الاستقصائية ومقالات الرأي الاقتصادية والتحليل الاقتصادي تشكل منبر مراقبة ومتابعة لآليات إنفاذ حماية حقوق المستهلك من قبل جهات الاختصاص الرسمية.
عملياً لن تستثني هذه المعالجة مسائل أساسية ميزت العام 2012 على صعيد حماية حقوق المستهلك الفلسطيني:
أولاً: حجم الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية كان مرتفعاً على مدار العام 2012 من خلال تقارير جهات الاختصاص التي أعلنت وتعلن عن ضبطها وإتلافها، وهذه العلامة الفارقة للعام 2012 مقلقة ومؤشر سلبي تحتاج إلى معالجة قانونية رادعة تردع ضعاف النفوس عن الاستمرار في هذه المسألة.
ثانياً: مطلع العام 2012 تراجع الوضع الاقتصادي المعيشي وارتفعت الأسعار ووجدت حالة من التلاعب بالأسعار والتغول بها، الأمر الذي ميز المشهد الاقتصادي الفلسطيني من حيث الحوار الاقتصادي الاجتماعي، والتحقيقات ومقالات الرأي الاقتصادي لسبل الخروج من الأزمة، وحث الخطى على المستوى الرسمي لإيجاد آليات ترشيد الإنفاق الحكومي خصوصاً أن الإنفاق الحكومي محرك أساسي لعجلة الاقتصاد في فلسطين وهنا دعونا في جمعية المستهلك الفلسطيني إلى ترشيد وليس خفض أو تقليص حتى تتراجع كفاءة الخدمات وحتى لا تتأثر عجلة الاقتصاد الفلسطيني خصوصاً أن الحكومة هي المشتري الأكبر وهي صاحبة العطاءات واستجلاب عروض الأسعار.
ثالثاً: كانت هناك محاولات لتحميل المسؤولية كاملة عن الوضع الاقتصادي المعيشي والأزمة المالية التي لا زالت تعصف بدولة فلسطين لشخص رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض وكأن رئيس الوزراء جاء إلى موقعه في العام 2007 بعد سنوات من شيوع بلاد الشهد والعسل وهو حولها إلى أزمة مالية ووضع اقتصادي معيشي متراجع، ولعل معالجة موضوعية تثبت أن الرجل حاول وسعى أصاب وأخطأ نجح وأخفق ولكن يكفيه خير المحاولة والسعي الدؤوب، وقد اتفق مع مواقع النقد الموجهة لأداء الحكومة ولا أعفيها بالكامل من المسؤولية وإلا كنا سنصبح كالأبواق التي تطلق ضجيج مفاده (الشعب مش عارف كيف يعيش وكيف يتدبر أمره).
رابعاً: بروز صورة القطاع المصرفي الفلسطيني والعامل في فلسطين وكأنه خارج مكونات المشهد الاقتصادي والمالي الفلسطيني لا يهمه أمر الأزمات ولا يكون طرفاً في المساهمة حتى لو من باب واجب تقديم العزاء في "صيوان" العزاء في الوضع الاقتصادي المعيشي، وهذه الصورة كانت محط تقييم ومراجعة في كافة ورش عمل وحلقات النقاش المتخصصة الاقتصادية التي نظمتها عديد الجهات في دولة فلسطين، إن لم تكن الأكثر حضوراً وبصوت مرتفع وخصوصاً في أوساط الإعلاميين والكتاب الصحافيين لدى لقائهم مع رئيس الوزراء في مكتبه في رام الله وإشارتهم هل نحن أمام الحكومة الفلسطينية ومن ثم سلطة مستقلة للقطاع المصرفي في فلسطين.
خامساً: حسب الدراسات الاقتصادية التي عالجت الوضع الاقتصادي الفلسطيني وكان آخرها الأسبوع الماضي حول الاستدامة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية حيث عاد إلى المشهد خلال عام 2012 التهرب الضريبي حيث أشارت دراسات دولية إلى ضياع نصف مليار دولار على خزينة السلطة الوطنية الفلسطينية من أموال الضرائب غير المباشرة نتيجة عدم التزام المستوردين والتجار الفلسطينيين بإظهار الفواتير واستمرار عمليات تهريب البضائع لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، أما الضرائب غير المباشرة ممثلة بضريبة الدخل فلم تتجاوز مساهمتها 7% من أجمالي الإيرادات الضريبية وهذه من المؤشرات الخطيرة التي يجب أن تتصدى لها مؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني بمسؤولية أكبر.
سادساً: مجمل التوجه الاقتصادي في دولة فلسطين لم يدفع باتجاه تشجيع المنتجات الفلسطينية وتشجيع الوكيل الفلسطيني الرسمي المسجل ولم يتم تنمية الاستثمار والتوسع في القطاع الزراعي باستثناء ثورة زراعة النخيل وإنتاج التمور في فلسطين التي تستغرق شهرين في العام وتنتج أقل بكثير من استهلاك السوق الفلسطيني.
إلى أين من هنا:
العام 2013 وهذا قرار استراتيجي لجمعية حماية المستهلك الفلسطيني حيث عملنا خصوصاً في محافظة رام الله والبيرة على وضع ملامح استراتيجية عملنا للعام القادم عنوانها الرئيسي (حقوق المستهلك واجبة النفاذ الآن) وبالتالي فإن نقلة نوعية يجب أن تحدث في هذا الاتجاه خصوصاً على صعيد بنية جمعية حماية المستهلك الفلسطيني بحيث نحصنها من تناقض المصالح لبعض رموزها حتى تتمكن من التصرف بموضوعية ومهنية ونحصنها من الشطط الإعلامي غير المرتبط بالواقع الميداني هدفه إدانة الآخر سواء القطاع الخاص أو المؤسسة الرسمية أو هيئات الحكم المحلي بصورة لا تتناغم مع توجهات جمعية حماية المستهلك الفلسطيني بل تضع حَب المستهلك في طاحون مصالح شخصية آنية لا تعود بالفائدة على حماية حقوق المستهلك الفلسطيني وإنفاذها.
بالتالي أرى أن المشهد الاقتصادي الفلسطيني في العام 2013 يجب أن يتشكل في الاتجاهات التالية:
أولاً: توحيد كافة جهات الرقابة وحماية المستهلك الفلسطيني في مؤسسة واحدة موحدة تكون مرجعيتها المباشرة رئاسة الوزراء بحيث تكون على تواصل مع مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية.
ثانياً: تشجيع المنتجات الفلسطينية بعيداً عن الشعار والاستراتيجيات التي تستهلك وقتاً دون تنفيذ وتشجيع الاستثمار وتنمية الصادرات.
رابعاً: إنفاذ قانون العقوبات المنصوص عليه في قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 للعام 2005 كونها عقوبات واضحة وتشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه التعاطي مع الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية.
خامساً: اعتبار المناطق المصنفة (ج) أراضي فلسطينية وجزءاً من دولة فلسطين بحيث يتم انفاذ القانون فيها ومتابعة حقوق المستهلك فيها وضبط أسواقها وخصوصاً المناطق المحاذية لجدار العزل والفصل والاستيطان التي يتم عبرها تهريب منتجات عديمة الجودة من السوق الإسرائيلية ومن المستوطنات.
سادساً: منح مساحة مناسبة لقضايا إسكان ذوي الدخل المحدود والمتوسط ضمن استراتيجية إسكانية واضحة المعالم والتوسع بالاستثمار في قطاع الإسكان في المنطق المصنفة (ج) بهدف تعزيز صمود المناطق المتأثرة سلبياً بجدار الفصل والعزل والاستيطان، ووضع تصور للتعاطي مع قضايا الإسكان في القدس.
سابعاً: تأهيل وتنمية البنية التحتية في دولة فلسطين خصوصاً في المناطق التي تربط وتعزز مناطق الاستثمار الصناعي، ومتابعة العمل على صعيد توفير منطقة تخليص جمركي وشحن على معبر الكرامة تكون ذات سيادة فلسطينية.
ثامناً: عدم الاستسلام لمسعى الاحتلال فرض حال من عزل اقتصاد القدس عن بقية اقتصاد دولة فلسطين وإيجاد كل السبل والآليات الخلاقة لاستعادة لحمة الاقتصاد المقدسي مع بقية الاقتصاد الفلسطيني والإصرار على استمرار توريد المنتجات الفلسطينية إلى السوق المقدسي كجزء من السوق الفلسطيني.
معالجة:
كنا نظن أن دعوة الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية لتعظيم العوائد الضريبية المتحققة على التجارة للخزينة الفلسطينية مباشرة وتقليص حجم العوائد الضريبية المتحققة على التجارة مع إسرائيل أو عبر إسرائيل، ستلقى قبولاً واسعاً على المستوى الفلسطيني إلا أننا تفاجأنا بحجم الذهول الذي أصاب القطاع الصناعي والتجاري الفلسطيني من هذه الدعوة بصورة توضح حجم تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي وحجم اعتماده على التجارة وجلب المواد الخام للصناعة من السوق الإسرائيلي.
ورغم أنني أكثر الناس اندفاعاً ودفاعاً للمنتج الفلسطيني وعنه ليس جزافاً بل من منطلق الجودة التي أطل على بعضها بحكم عملي التطوعي في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني والراصد الاقتصادي، إلا أنني أرى أن هذا الذهول هو مصطنع وليس حقيقياً يجب أن تزيله مكونات القطاع الخاص الفلسطيني ويجعل الصورة جلية وواضحة لدى الرأي العام الفلسطيني بهذا الاتجاه.
لقد كان الجميع يقول إن الحكومة مكبلة باتفاقيات وبروتوكولات تعيق إعلانها لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعندما تحقق هذا الأمر تراجع كل من كان يعيب على الحكومة هذا العجز باتخاذ القرار وباتوا يريدون إعادة العجلة إلى الوراء لصالح شعار أكل الدهر عليه وشرب (تشجيع المنتجات الفلسطينية) وهذا أمر غير مقبول في ضوء دعوة رئيس الوزراء التي تعتبر قراراً حكومياً ملزماً ويحتاج إلى آليات إنفاذ على مدار العام 2013.
وليكن معلوماً أننا لن نتعاطى مع تعريفها للمنتج الفلسطيني إلا بما ينص على (50% من مدخلاته فلسطينية لصالح تعظيم حصة المواد الخام والتعبئة والتغليف وعدم وجود شراكات إسرائيلية أو تشغيلها لصالح مصنع إسرائيلي أو استثمار في المستوطنات أو في المناطق الصناعية الإسرائيلية وعدم وجود تعاقدات رسمية مع مصانع أو شركات إسرائيلية على حساب الشركات الفلسطينية، وهنا نتعاطى مع تقليل نسبة الأيدي العاملة الفلسطينية لأنها تحصيل حاصل فلا يوجد لدينا عمالة أجنبية أو غيرها على حساب الأيدي العاملة الفلسطينية).
نعم، نُصعب الأمور ونعقدها لأن حماسنا ومتابعتنا وفعلنا على مدار اثنى عشر عاماً في مؤسسة الراصد الاقتصادي، وعلى مدار سنوات ثلاث في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني لا يجوز أن ننكشف بهذا الحجم ويأتي من كان يقول إنني شريك لكم من القطاع الخاص الفلسطيني نحن اليوم لا نستطيع بعد دعوة رئيس الوزراء للمقاطعة لأن المدخلات الفلسطينية في الصناعة والزراعة والتجارة لا تزيد عن 5% وتلك هي المصيبة.
[email protected]
www.pcp.ps
تاريخ نشر المقال 29 كانون الأول 2012