الرئيسية » الاخبار »   07 تشرين الثاني 2012  طباعة الصفحة

حول قوى الضغط ضد السياسة التسعيرية .... بقلم: صلاح هنية

 بات من الثابت اليوم أن قوى الضغط والتأثير في السوق الفلسطينية التي تحارب أي أداة من أدوات ضبط وتنظيم السوق التي تقود صوب حماية المستهلك الفلسطيني تمتلك قوة أكبر من قوة آليات ضبط وتنظيم السوق.

وقد بات هذا المشهد واضحا في اللحظة التي تلت إعلان وزير الاقتصاد الوطني الأحد الماضي عن مجموعة من الإجراءات هدفها تنظيم وضبط السوق والوصول إلى سياسة تسعيرية عادلة، حتى تعالت الأصوات من القطاع التجاري والصناعي رافضة بعض هذه الأسعار ومعلنة أنها لا تتناسب مع كلفة الإنتاج أو كلفة الاستيراد، الأمر الذي سبب إرباكاً وخلق انقلاباً في فحوى التفاهمات التي توصلت لها وزارة الاقتصاد الوطني مع الموردين وتجار جملة الجملة والصناعيين للسلع التي تم تضمينها في اللائحة التسعيرية الاسترشادية.

الأمر الذي وضعنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني أمام سؤال كبير يطرح وراءه قضايا ذات بعد أعمق تتعلق بالسياسات التي تسند هذه الإجراءات، السؤال كان هل نحن حقا غير قادرين على وضع إجراءات لضبط السوق الفلسطيني وتنظيمه؟

المفارقة العجيبة أن قوى التأثير والضغط المضادة انقسمت في الفعل والتأثير إلى مجموعات:

المجموعة الأولى: هي مجموعة المنظرين الذين يطرحون سندا نظريا مضادا للإجراءت التسعيرية والتنظيمية، مفادها أن اقتصاد السوق لا يسمح باتخاذ مثل هذه الخطوات إلا في حالة واحدة هي تتعلق بإجراء تغيير في القانون الأساسي الفلسطيني للمادة 21 التي تعلن أن فلسطين تعتمد اقتصاد السوق، وأن من يريد أن يتدخل عليه أن يدعم السلع الأساسية وهذا هو الإجراء الوحيد الذي يمكن الحكومة لكي تتدخل.

المجموعة الثانية: وهي مجموعات المصالح المباشرة والتي رأت أن التفاهمات التي صيغت مع وزارة الاقتصاد الوطني قد باتت قائمة وتأثرت مصالحها وتأثرت مصالح فئات تجارية مرتبطة معها بصورة لا تخدم مصالحها المباشرة، مثل أصحاب المخابز الذين باتوا يعولون على تجار جملة الجملة للدقيق ومؤشراتهم لارتفاع سعره بصورة تبرر رفع سعر كيلو الدقيق، فبات هؤلاء التجار بعد موافقتهم على الأسعار غير قادرين على التبرير لهذه الفئة مثلا.

المجموعة الثالثة: والتي تسعى لاستغلال هذه الإجراءات التسعيرية التنظيمية من قبل وزارة الاقتصاد الوطني باتجاه تحقيق مكاسب أخرى من خلال إعلان مربي الدواجن مثلا عن وقف تزويد المسالخ بالدواجن نظراً لعدم قبولهم بالسعر المطروح في اللائحة التسعيرية، ومن وراء هذا الإجراء يسعون لكي تتراجع وزارتا الاقتصاد الوطني والزراعة عن قرارهما بمنع استيراد الدواجن من السوق الإسرائيلية وتغير آليات إصدار التصاريح الزراعية لإحضار الدواجن إلى السوق الفلسطينية.

المجموعة الرابعة: وهي المجموعة الأقوى تأثيراً من أولئك جميعا والتي استخدمت أوراقها القوية أثناء التفاهمات مع وزارة الاقتصاد الوطني، حيث فرضت أسعارها المريحة بصورة جعلتها خارج السياسة التسعيرية أساساً بصورة غير معلنة، ولكن على قاعدة التماس العذر لها.

خارطة القوى المجتمعية والقطاعية المضادة للإجراءات التسعيرية التنظيمية واضحة المعالم، تقابلها الجهات الضاغطة باتجاه السياسة التسعيرية وتنظيم السوق وفرض عقوبات مشددة، بل إن جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة ذهبت إلى ابعد من ذلك بطرح مقترحات أكثر جذرية أمام وزارة الاقتصاد الوطني وأمام الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء خلال لقائه مع الكتاب والصحافيين في بدايات المظاهر الاحتجاجية على ارتفاع الأسعار.

ما اعتبره نصيحة من مواطن غلبان مثلي إلى وزير الاقتصاد الوطني الدكتور جواد ناجي وأركان وزارته:

( إياكم والتراجع في خضم قوى التأثير المضادة وإياكم وتخفيف نبرة مفردات خطابكم في ضوء بروز هذه التحديات في السوق الفلسطينية، بل بالعكس من ذلك هذه مدعاة حقيقية أن تعودوا إلى ما بدأنا به معاً (التدخل في هامش الربح ) والإجراء الأهم ( عدم ترك تاجر التجزئة الصغير والمتناهي الصغر وحيداً يواجه نتائج هذه المعركة التي ستترك آثارها السلبية عليه أولاً وأخيراً).