الرئيسية » الاخبار »   29 آب 2012  طباعة الصفحة

أسعار المواد الاستهلاكية في ارتفاع تصاعدي وأدوات التدخل محدودة


رام الله 29-8-2012 وفا- زلفى شحرور

موجة من ارتفاع الأسعار تزيد من نسب التضخم وتآكل القيمة الشرائية لرواتب المواطنين بانتظار السوق الفلسطينية خلال الأشهر القادمة، وذلك بسب ارتفاع عالمي في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وفي أسعار الطاقة بسبب التغيرات المناخية والتوتر السياسي في دول إنتاج الطاقة.

وتتباين التقديرات لنسب الارتفاع المتوقعة في ظل محدودية أدوات التدخل التي تملكها السلطة، إضافة إلى الأزمة المالية التي تعاني منها، لكبح جماح هذا الارتفاع وتخفيف تأثيره على المواطن.

ومن المتوقع ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 8% كما أعلنت عنه إسرائيل المصدر الرئيسي للطاقة المستخدمة في السوق الفلسطينية، إضافة إلى ارتفاع في الأسعار لن تقل نسبته عن 1% على ضوء قرار مجلس الوزراء برفع ضريبة القيمة المضافة من 14.5% إلى 15.5% بداية أيلول القادم.

 

وزير الاقتصاد: أدوات التدخل محدودة

وأكد وزير الاقتصاد الوطني جواد ناجي لـ'وفا' محدودية الأدوات التي تملكها الحكومة، التي تسعى صادقة لخلق أدوات وسياسات يتفق عليها أصحاب العلاقة للحد من تأثير الارتفاع على المواطن، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة ومحدودية دخل المواطن.

وقال، 'من الأدوات التي تبحثها السلطة بدءا من اليوم مع التجار والغرف التجارية تقليل هامش الربح، والحفاظ على الأسعار الاسترشادية للسلع الأساسية، بحيث تراعي هذه الأسعار مصالح المواطن والتاجر معا.

وأضاف: 'تدرس الحكومة أيضا إجراءات قانونية يترتب عليها التزام بالأسعار الاسترشادية للسلع'، مؤكدا أهمية الالتزام الأخلاقي'.

وأشار ناجي إلى عمل الوزارة على تعزيز القدرة التنافسية للمنتج الفلسطيني وزيادة حصته في السوق، لافتا إلى أن نجاح الحكومة في هذه السياسة يخفف من تأثر السوق بالارتفاع العالمي للأسعار، متسائلا: في ظل ارتفاع أسعار القمح عالميا ما المانع من التوسع في زراعة القمح؟.

ولا يتفق الوزير مع بعض التقديرات التي تشير لاحتمال ارتفاع الأسعار بنسب تتراوح بين 10-15%، معتقدا أن الارتفاع لن تتجاوز نسبته 5-8% على الأغذية ومشتقات النفط.

 

عبد الكريم: أدوات التدخل لدى السلطة أقل بكثير من الدول السيادية

ويعتقد الأكاديمي الاقتصادي نصر عبد الكريم، أن ما تملكه السلطة من أدوات للتدخل أقل بكثير من الدول السيادية، لكنها تمتلك القدرة على التغيير إستراتيجيا.

وقال عبد الكريم لـ'وفا': 'ما تملكه السلطة على المستوى السريع والعاجل تنظيم الأسواق المحلية والرقابة على الأسعار، والوزارة فعلا بدأت بخطوات بهذا الاتجاه، لكنها حتى اللحظة لم تنجح في ضبط قوائم الأسعار الاسترشادية التي وضعتها، وهي بحاجة إلى مراجعة دورية حتى لا يظلم التاجر والمستهلك'.

وأضاف، 'لكن على المستوى الإستراتيجي يمكن للسلطة إحداث تغيير يساعدها في مواجهة الارتفاعات في الأسعار عالميا، فعلى السلطة تنويع الشركاء حيث أمكن، خاصة في موضوع الطاقة واتفاقية باريس الاقتصادية تتيح ذلك'.

وأوضح عبد الكريم أن فاتورة الطاقة تصل إلى 1.3 مليار دولار من موازنة السلطة، 'وهذه الفاتورة مرهقة جدا ويتحملها المواطن وتؤثر على كل أسعار السلع'، متسائلا عن تجاهل السلطة حتى اللحظة عن البحث عن بدائل لدى دول الخليج العربي بالحصول على أسعار تفضيلية، ويمكن تخزينها وتكريرها في الأردن أو بالاتفاق مع إسرائيل'.

ويرى أن على السلطة الفلسطينية العمل على إعادة هيكلة اقتصادها، والذي هو أقرب إلى اقتصاد خدمات وتجارة، وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على الزراعة والصناعة.

وأشار إلى أن الاقتصاد الخدمي الاستهلاكي معرض للتقلبات والصدمات في العالم، لكن اعتماد السوق المحلية على إنتاجها من السلع يبقيها بعيدة عن التدخلات العالمية.

ويجد عبد الكريم صعوبة في تقدير دقيق لنسب الارتفاع في الأسعار، قائلا 'نحن جزء من العالم ونتأثر بالظروف الجيوسياسية والمناخية والاقتصادية والسياسية، ومن الصعب تحديد تجاه ارتفاع أسعار السلع والخدمات المتجهة صعودا في العالم، حيث لا تزال مناطق إنتاج النفط تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي في إفريقيا وفنزويلا والشرق الأوسط، وهذا بلا شك سيبقي أسعار النفط في اتجاه تصاعدي.

وأضاف، 'الأزمة المالية العالمية التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، تدخل فصولها الأخيرة، وسيدخل الاقتصاد العالمي بعدها في مرحلة نمو ترفع أسعار المكونات الأساسية للإنتاج والسلع حتى لو حافظ الاستهلاك على ذات النسب الحالية.

 

أبو عين: خريف قاس بانتظار المستهلك

 وتوقع رئيس جمعية المستوردين محمد أبو عين، خريفا قاسيا على المستهلك بسبب موجة ارتفاع في الأسعار ستشهدها الأسواق الفلسطينية تتراوح بين 5% إلى 15%، معيدا ذلك لعدد من الأسباب، منها الأزمات الاقتصادية والركود الاقتصادي في الدول الكبرى المنتجة، وتراجع الاستهلاك، وغياب الثقة بالأسواق والذي يؤدي بدوره لارتفاع الأسعار وتراجع الاستهلاك يؤدي الزيادة كلفة الإنتاج على خطوط الإنتاج الكبيرة.

وتوقع أبو عين ارتفاعا في الأسعار العالمية تتراوح نسبته ما بين 10-20%، لافتا لانخفاض الواردات والصادرات الفلسطينية بنسبة 10-15% عن العام الماضي.

وقال أبو عين: 'غياب الاستقرار السياسي والأمني في منطقة الإقليم يؤثر في ارتفاع الأسعار رغم الخبرة الفلسطينية في التعايش مع الظروف غير المستقرة أمنيا، ولنا تجارب في الانتفاضة وانقطاع الرواتب عام 2006، إلا أن هذه الظروف تختلف وهي الأصعب على المواطن الفلسطيني، فالقطاع الخاص في التجارب السابقة كان أقوى وقدرته على التحمل أعلى، ولم يكن له ديون متراكمة على الحكومة، وكان دعم المانحين يصل كما هو مقدر له، ومستوى التضامن الأسري والاجتماعي أعلى، وكانت الفئة المتوسطة تمتلك بعض المدخرات لمواجهة مثل هذه الأزمات.

ودعا أبو عين الحكومة والقطاع الخاص للتعاون لتجاوز هذه الأزمة الصعبة جدا، متوقعا أن تستمر حتى نهاية العام الجاري على الأقل.

 

هنية يدعو صندوق الاستثمار لتأسيس مراكز تسوق

 من جهة ثانية، دعا رئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة صلاح هنية، صندوق الاستثمار الفلسطيني لقيادة عملية تأسيس مراكز تسوق تجارية للبيع بالتجزئة في مدن الوطن كافة بالشراكة مع القطاع الخاص، لضمان توفير احتياجات المستهلكين الأساسية من السلع المختلفة بأسعار مناسبة لمستوى الدخل الفردي في فلسطين.

وقال هنية في بيان صحفي، إن صندوق الاستثمار قادر على قيادة هذا التوجه وخلق تدخل إيجابي لضبط مؤشر الأسعار في الأسواق، وضبط عمليات الاحتكار الجماعي القائمة، بحيث يتمكن موردو السلع الأساسية من تحديد السعر بشكل جماعي.

وأشار هنية لفشل تجربة الجمعيات الاستهلاكية، وقال إن البديل عنها مراكز تجارية للبيع بالتجزئة من قبل جهة تتحمل مسؤولية مجتمعية، وتستطيع أن تخلق شراكة مع القطاع الخاص لتخفيف الأعباء عن المستهلك.

وأشاد هنية بما قامت به وزارة الاقتصاد الوطني من تفعيل للجنة التموين الوطنية التي تنظر في قضايا الأسعار وضبط السوق وتتواصل مع التجار لوضع آليات تضمن توازن السوق وضبطه.