الرئيسية » الاخبار »   18 آب 2012  طباعة الصفحة

الرأي الاردنية //// استقالة شومان.. بين عاصفة من التكهنات وحتمية الإفصاح عن الحقيقة

 

صورة

كتب - عصام قضماني - صاحبت استقالة عبدالحميد شومان من البنك العربي عاصفة من التكهنات،  لكنها كذلك فتحت الباب أمام جملة من التساؤلات وكم من المعلومات غير المسنودة عن خلافات جوهرية أدت الى الحدث الأهم في مسيرة البنك الذي أسسته عائلة شومان عام 1930، لتخرج منه بعد 82 عاما ارتبط بها وارتبطت به.
وإن كانت الأهمية التي يحظى بها البنك على المستوى الوطني والعربي والدولي سببا في كل هذا الصخب،  فإن الأهمية ذاتها تقتضي من إدارة البنك ومن شومان نفسه ومن البنك المركزي الإسراع بالإفصاح عن الحقيقة فيما جرى، حفاظا على البنك المؤسسة وحفاظا على البنك التاريخ، فليس مقبولا أن يترك هذا الحدث نهبا للشائعات وللأقاويل وللاتهامات، إذ يفترض أن يتم في شأنه حسم الضبابية بالشفافية وحسم السرية بالعلنية،  والهدف استمرار البنك ومسيرته في خدمة الاقتصاد الوطني والعربي كواحدة من كبريات المجموعات المصرفية العربية والعالمية, وكما يقال في «المحكيات» «إذا كان البنك العربي بخير فإن الاقتصاد بخير».
هذه المقولة تستند الى جملة من الحقائق،  لأن البنك يضم أكبر قاعدة من المساهمين ولأنه يضم أكبر قاعدة من المودعين فحقوق المساهمين في المجموعة بلغ 7.6 مليار دولار كما بلغ حجم ودائع المجموعة لعام 2011 31.7 مليار دولار، كما أن المجموعة تتواجد وتنتشر فروع البنك في 5 قارات.
بحسب بيانات هيئة الأوراق المالية تمتلك المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الحصة الأكبر بنسبة 15.5%، ثم شركة سعودي أوجيه بنسبة 9.679%، فيما بقيت مؤسسة عبد الحميد شومان تملك 2.5% وعبد الحميد شومان 1.529%، أي أن كبار المساهمين الذين يمثلون مجلس الإدارة يمتلكون نحو 136 مليون دينار من رأس مال البنك ش م ع البالغ 534 مليون دينار وما تبقى مملوك لأفراد ومؤسسات عدة ما يضع أي حدث يمسه كبيرا كان أم صغيرا في قمة الإهتمامات.
يمكن تلخيص نقاط الخلاف التي أدت الى خروج شومان الشخص وشومان العائلة من البنك وفقا لما رشح من معلومات غير رسمية ووفقا لما فهم من تصريحات الأطراف المعنية ومنها رسالة شومان نفسه الى الموظفين،  بثلاث نقاط رئيسية،  الحوكمة،  التسهيلات،  التعيينات.
على أن شرارة الخلاف لم تكن وليدة اللحظة،  فأغلب الظن أنها بدأت مع تعيين مدير تنفيذي للبنك، وهو ما استجاب له شومان تحت ضغوط فصل المناصب،  وهو أيضا ما ردته حينذاك تحليلات عدة، قالت أن ضغوطا من كبار المساهمين وفي مقدمتهم مجموعة الحريري، فرضت هذا الفصل، وبعضها ربطته بتيسير تسهيلات يطلبها مساهمون كبار لفك عسرة سيولة تطلبها مشاريعهم، وهو إن كان هذا أو ذاك فقد جاء تنفيذا لتعليمات البنك المركزي القاضية بالفصل بين المناصب التي يتولاها الشخص الواحد في البنوك وهو ما سرى على جميع البنوك العاملة في الأردن.
شرارة الخلاف لم تهدأ،  فغالبا ما كانت بعض المصادر تؤشر اليه بوضوح وتلوم التدخلات المتكررة لرئيس مجلس الإدارة «المتفرغ» بحسب بيان صدر عن البنك صاحب قرار تعيين المدير الجديد «نعمة الصباغ» في الإدارة،  وهو ما كان يشي بأن تفاهما مفقودا بين شومان والصباغ، حتى أن المصادر ذاتها كانت تشير باستمرار الى دلائل تؤشر على هذا الخلاف الذي تصاعد بتعيينات ازدادت في الحقبة الأخيرة لمستشارين ومدراء ارتبطوا برئيس مجلس الإدارة دون المدير العام وهو ما فسر لاحقا بتداخل الصلاحيات وتعارض الأوامر التنفيذية، وهو ما وصفته بعض المصادر مؤخرا، بتعيينات مجموعة من المسؤولين والوزراء السابقين في البنك الذي طالما اتهم بتقطيره للتعيينات وربما توجيهها في بعض الأحيان.
بغض النظر ما إن كان قرار هذه التعيينات يعود لشومان نفسه أو لمجلس الإدارة أو لمقتضيات الحال، فقد كانت بالفعل محل خلاف بين الطرفين وبقيت كذلك الى أن كشفت أول خيوطها باستقالة الشريف فارس شرف مؤخرا.
شومان في رسالته اكتفى بتحميل مجلس الإدارة ومدير عام البنك المسؤولية فاتهم المدير ومجلس الإدارة بعدم تحمل أعباء مسؤولياتهم القانونية لحماية البنك ومصلحته وأشار الى ملاحظات كان نقلها حول عدد من القضايا الهامة التي قد ينجم عنها نتائج لا تصب في مصلحة البنك ولا تحقق أي تقدم أو تطور في سياسات وإجراءات العمل ولا في نتائج البنك المالية، الأمر الذي لم يلق آذانا صاغية،  ولم يتطرق الى ما دون ذلك من قضايا مثارة مثل التسهيلات أو ضغوط يمارسها كبار المساهمين، الا أن الرد جاء سريعا من نائب رئيس مجلس الإدارة صبيح المصري الذي رد الاستقالة الى خلاف حول الصلاحيات وقال لكاتب هذا التحليل إن استقالة شومان جاءت على خلفية خلاف على مسألة الحوكمة والصلاحيات، وأن شومان تجاوز صلاحياته المنوطة به كرئيس للمجلس وتدخل في الإدارة.
في كواليس البنك يدور حديث حول تنازع الصلاحيات، وحول تدخل عائلة شومان في الإدارة خارج حدود صلاحيات الوظائف التي يتولونها، كما يدور همس حول تسهيلات منحت دون دراسة بفعل صغوط بعض أعضاء مجلس الإدارة،  بينما أن البعض يعكس الآية ويلوم شومان نفسه بشأن هذه التسهيلات.
الروايات حول طبيعة الخلافات تفاوتت بين تنامي نفوذ مجموعة الحريري والتسهيلات التي قيل أنها تطلبها، وبين الملاحظات التي أشار إليها شومان نفسه ولم يفصلها حول بعض القرارات وبين التعيينات المثيرة للجدل أو الحديث عن الإقصاء التدريجي الذي مورس ضد العائلة لكن الأهم هو أن الاستقالة تنهي تاريخ عائلة شومان الذي امتد لثمانية عقود وهو ما ليس ممكنا إنكار فضله وبصماته على البنك وعلى الاقتصاد الوطني والعربي.