حقيقة ارتفاع اسعار اللحوم مجدي ابو زيد

بخصوص وصول اسعار اللحوم في الضفة الغربية الى 130 شيكل، وحديث الخبراء ونقابة اصحاب الملاحم عن امكانية ان ترتفع بشكل خيالي؛ سأضع بعض الملاحظات والمعلومات التي نعرفها وبلغنا عنها ونشرناها منذ سنوات:
1. صحيح ان هناك ارتفاع عالمي في اسعار الخراف الصغيرة والاعلاف، ولكنها ليست السبب في مضاعفة الاسعار.
2. عجزنا حتى الان عن ادارة واصلاح وحوكمة ملف الكوتا. صحيح ان الكوتا ليست مؤثرة حيث انها تبلغ 50 الف رأس سنوياً من حاجة السوق التي تلامس المليون رأس، ولكنها حتى الان لا تعكس الغرض الذي وجدت لأجله. الاعفاء الجمركي يذهب إلى جيوب كبار التجار، وبعضهم يستفيد من حصص مختلفة من الباطن.
3. حسب اتفاقيات باريس الاقتصادية، لدينا ايضا امكانية للاستفادة بنسبة 20% من الكوتا الاسرائيلية؛ لا اعرف ان كان هذا البند فعال!
4. هناك تهريب إلى من السوق الفلسطينية إلى داخل اسرائيل، سواء من الكوتا الفلسطينية أو حتى من حصص الاستيراد العادي، وحتى الخاروف البلدي (ابو لية) الذي يفضله الاسرائيلي أيضا يتم تهريبه. هذا ما كشفته معلومات جديدة، خاصة مع ارتفاع الطلب في اسرائيل على لحوم الخراف في فترة الأعياد. كيلو الخاروف وصل في اسرائيل الى حوالي 220 شيكل. لكن هذه القضية ليست جديدة، وقد قام الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة: أمان بفتح الموضوع قبل 8 سنوات، وقدم في حينها معلومات محددة عن تهريب كميات من خراف الكوتا الى السوق الاسرائيلي وتحديدا من قبل بعض التجار في الجنوب، وتم في حينها التغطية على الحادثة واغلاق الملفّ.
5. يجب ان يكون هناك قاعدة معلومات شفافة وذات صدقية ومفتوحة للجميع. عندما قررت حكومة الدكتور اشتية مقاطعة العجول الاسرائيلية وفتح الاستيراد المباشر، تم تقديم معلومات غير دقيقة للحكومة في حينه حول تواجد كميات كافية من العجول في السوق الفلسطينية تكفي لأشهر من قبل بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة؛ لاحقا اتضح أنها معلومات غير صحيحة وارتفعت الاسعار بشكل كبير، واضيف اليها ضغوطات اسرائيلية، سرعان ما ادت الى تراجع الحكومة عن اهم قرار استراتيجي اتخذته في حينه. اليوم ايضا نسمع عن ان لدينا كميات كافية، وهذا بالتأكيد غير صحيح لأن واقع العرض والطلب بالسوق يتعارض مع هذه المعلومات، والدليل الاسعار الخيالية التي وصلنا اليها! انا لا اثق بالمعلومات الرسمية التي يتم تزويد الحكومة بها، وادعو الى تدقيقها وإلى نشر المعلومات المتوفرة جميعها: قوائم التجار، الكميات التي تدخل او دخلت، تاريخ دخولها، كيف توزع وكم نستهلك ووو.
6. بعد تحقيق "تبييض الحلال" الذي نشر في 2017 حول قضية الكوتا والخراف البلدية والمستوردة، صدر عن مجلس الوزراء "نظام المسالخ" الذي يجبر المسالخ على تمييز اللحوم البلدية والمستوردة باختام مختلفة. بعد 8 سنوات، لم يطبق النظام، ويتم بيع المستورد باسعار البلدي في حالات كثيرة، وهذا غش فاضح للمواطنين، واستغلال يمكن بعض التجار من تحقيق ارباح خيالية، خاصة عند مقارنة اسعار اللحوم البلدية مع المستورد في الأردن مثلا، والذي قد يصل الفرق الى الضعف!
7. كان الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة: أمان قد تابع هذا الملف طويلا، واتضح أنه يمكن بيع لحوم الخراف المستوردة (ذبح المسلخ) للمواطنين بمبلغ لا يتجاوز 40 شيكلا للكيلو، مع تحقيق التجار والملاحم لارباح معقولة وربما ايضا مجزية جدا!
8. وفي المتابعات أيضا، اشار بعض التجار الى وجود مافيا تتحكم بالاسواق، ولديها علاقات وتحالفات دولية، بعض مكاتبنا الدبلوماسية في الخارج ربما تكون متورطة وفقا لاقوالهم، وايضا يتم تأخير وصول بعض الكميات لصالح بعض التجار من اجل ان تباع كميات اخرى باسعار مرتفعة ولا يحصل الاستقرار او التراجع في الاسعار. اشاروا ايضا الى تورط الاسرائيليين في التخليص والنقل والتأخير، والى أن بعض المزارع تم تأخير توزيع بضاعتها عند وصولها فلسطين والزامها بالتطعيم مرة اخرى، بعد ان كان الجانب الاسرائيلي قد اشرف على التطعيم في "الكرنتينة" حسب البروتوكولات الصحية وقبل ان يفرج عليها. التطعيم مرة أخرى مكلف ويؤخر نزول الخراف الى السوق، لماذا؟ من المستفيد؟؟؟؟ تحدثوا أيضا عن قيام احدى سفاراتنا بالتبليغ عن وجود عطل في السفينة التي حملت بعض الخراف، ما ادى الى تأخيرها لشهر! في هذا الشهر، بيعت الخراف باسعار خيالية في السوق الفلسطيني!! من المستفيد؟ من المسؤول؟؟؟
9. يجب التعامل مع هذا الملف على درجة عالية من الاهمية، ابسط وصف له هو أنه ملف "امن وطني غذائي"، يجب ان يتم تدقيقه ومتابعته من قبل غرفة عمليات مشتركة تضم الضابطة الجمركية والشرطة والامن الوقائي والمخابرات العامة، وممثلين عن وزارات المالية والاقتصاد