الرئيسية » الاخبار »   11 أيار 2024  طباعة الصفحة

وتداعيات خطيرة على الاقتصاد الفلسطيني ورقة لـ"ماس": الاقتصاد الإسرائيلي في وضع سيئ جداً وأضرار الحرب فاقت كل التوقعات

خلصت ورقة بحثية لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، إلى أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول الماضي، ألحقت أضرارا بالاقتصاد الإسرائيلي تفوق كل التوقعات، لكنها في نفس الوقت تركت آثارا خطيرة على الاقتصاد الفلسطيني تتطلب من السلطة الوطنية التفكير بحلول طويلة الأمد.
وبينت الورقة، التي أعدها الباحثان نعمان كنفاني وإسلام ربيع وعرضت في لقاء طاولة مستديرة في مقر "ماس" برام الله، أمس، التداعيات السلبية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، والتي يأتي على رأسها انكماش الاقتصاد بمعدل 5.7% في الربع الرابع 2023 مقارنة بالربع الثالث من السنة.
وفقا للورقة، جاء هذا الانكماش بسبب التراجع في الطلب والإنتاج، نتيجة التراجع الملموس في الاستهلاك الخاص وفي إجمالي الاستثمار، والصادرات، قابله ارتفاع حاد في الإنفاق الاستهلاكي الحكومي، لتغطية التكاليف المترافقة مع الحرب.
من ناحية الإنتاج، شهد الربع الرابع 2023 انخفاضاً في القيمة المضافة في جميع القطاعات الرئيسة في الاقتصاد الإسرائيلي، بسبب تقلص العمالة المتاحة في سوق العمل الناجمة عن استدعاء جنود الاحتياط، وإخلاء مستوطنات غلاف غزة والمستوطنات المحاذية لحدود جنوب لبنان.
وتظهر الورقة أن الانكماش على المستوى الربعي أدى إلى تباطؤ الأداء الاقتصادي على المستوى السنوي أيضاً، فقد نما الاقتصاد الإسرائيلي في العام 2023 بمعدل 2% فقط، مقارنة بمعدل نمو 6.5% في العام الذي سبقه.
من جانب آخر، ترك ثقل عبء نفقات الحرب آثاراً سلبية على مالية الحكومة الإسرائيلية، إذ بلغ عجز ميزانية الحكومة في العام 2023 ما مقداره 78.3 مليار شيكل، ومن المتوقع أن يتسع ويستمر هذا العجز في موازنة 2024 المعدلة ليصل لنحو 130 مليار شيكل على الأقل.
وجاء في الورقة أنه على ضوء هذه التداعيات، وفي ظل عدم وضوح الكلفة الإجمالية للحرب الإسرائيلية على القطاع مع دخولها شهرها الثامن، تطرح مجموعة من التساؤلات حول قدرة الإسرائيلي على التعافي وتحمل تكاليف الحرب، التي بات في حكم المؤكد أنها فاقت كل التوقعات.
وتشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يستطيع تحمل وتخطي هذه التكاليف بسهولة.
كما تطرح تداعيات الحرب، وفقا للورقة، مجموعة من التساؤلات على الجانب الفلسطيني، حول ماهية السياسات الاقتصادية التي تؤدي إلى تحفيز الطلب وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وكيفية الاستفادة من تراجع الواردات الفلسطينية من اسرائيل، وما هي الاستثمارات العاجلة التي تخدم أو تعوض هذا التراجع، وسبل الحد من معضلة البطالة الكبيرة، وعن افضل الأدوات لزيادة الإيرادات دون المساس بالفئات الفقيرة وصغار المنتجين.
وفي تقديمه للورقة، قال مطانس شحادة، الباحث في جمعية الجليل، إن حرب الإبادة على غزة أدخلت الاقتصاد الإسرائيلي في وضع سيئ جداً، والذي كان أساسا في حالة من عدم الاستقرار بعد ما شهده المجتمع الإسرائيلي من سلسلة احتجاجات ضد الحكومة الإسرائيلية وتراجع الثقة بنتنياهو.
واعتبر شحادة أن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها، حيث إن الاقتصاد الإسرائيلي شهد خسائر كبيرة في كافة القطاعات وإن كانت بنسب متفاوتة، إضافة إلى التكلفة الباهظة التي تكبدتها ميزانية الحكومة الإسرائيلية لإيواء 150 ألف إسرائيلي خرجوا من مساكنهم في الشمال والجنوب، عدا التعويضات التي فرضت على الحكومة من قبل هؤلاء.
وتحدث شحادة أيضا عن المقاطعة الشعبية التي تتعرض لها إسرائيل داخليا وخارجيا والتي ألحقت أضرارا بالغة في قطاعات مهمة في الاقتصاد الإسرائيلي، ووصف هذا كله بكرة ثلج سلبية متدحرجة للاقتصاد الإسرائيلي معالمها لم تضح بعد ونهايتها غير واضحة وآثارها سوف تستمر لعدة سنوات، وإن تكلفة هذه الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي تقدر بحوالى 250-300 مليار شيكل.
بدوره، أشار وليد حباس الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في تعقيبه على الورقة، إلى أن اقتصاد إسرائيل على الرغم من الهزات التي تلقاها إلا أنه قوي وكبير جدا، وهو ما يعكس قضيتين: الأولى، إن الاقتصاد الإسرائيلي هو اقتصاد حرب، والثانية، إن الاقتصاد الإسرائيلي هو محمي من القوى العظمى، فإسرائيل لديها بطانة من الحماية عند الحديث عن الحرب.
وذكر حباس أن الآثار طويلة الأمد للحرب والتي لا تنتهي بانتهائها، قد تصل إلى خسارة تقدر بـ 400 مليار شيكل على 10 سنوات.
أما فيما يتعلق بانعكاس ذلك على الاقتصاد الفلسطيني، قال حباس، إن هناك جانب العمال، 200 عامل، والتجارة الخارجية والتي تعتبر إسرائيل هي الحصة الأكبر، إضافة إلى موضوع المقاصة والاقتطاعات التي تقوم بها إسرائيل.
وبين أن إسرائيل تهيمن على إمكانيات الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وازدادت هذه الهيمنة مع وصول حكومة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير خاصة في موضوع الاقتطاعات، وبين أن هناك توجها عاما داخل إسرائيل في انزياح متسارع نحو اليمين المتطرف، والتي بدورها تتجه نحو التخلص من العمالة الفلسطينية، ولكن على الرغم من ذلك إلا أنه في ظل الظروف الحالية لا يمكن التخلي عن عمال الضفة، وأشار إلى أن خروج العمال من السوق الإسرائيلية أثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، وان عودة العمال أمر حتمي لعدم وجود بديل.
كان مدير عام "ماس"، رجا الخالدي، افتتح الجلسة مؤكدا على أهمية الموضوع وتداعياته السياساتية الحياتية والمعيشية على الاقتصاد الفلسطيني.
وذكر الخالدي أن موضوع هذه الورقة يأتي ضمن رصد المعهد لآثار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى أن المعهد يقوم بإعداد ورقة سياسات عقب كل جلسة.