الرئيسية » الاخبار »   06 أيار 2012  طباعة الصفحة

الجمعية تقدم ورقة موقف حول آليات تنظيم سوق العقار في فلسطين ضمن ورشة عمل عقدتها بالتعاون مع منتدى فلسطين العقاري

 تعرض هذه الورقة موقف جمعية حماية المستهلك الفلسطيني ومنتدى فلسطين العقاري  في الراصد الاقتصادي من ما يشهده سوق العقار من تطورات وتداعيات، وتركز على المواطن ومصالحه وحقوقه بصفته المستهلك الأول لمخرجات سوق العقار سواء كمشتري أو مستأجر لشقق سكنية ومكاتب أو محلات تجارية وغيرها.

تشهدت فلسطين ومنذ عقدين طفرة عقارية تتمثل في عشرات بل مئات مشاريع الاسكانات والمحلات التجارية، هذه المشاريع التي تبهر من يشاهدها لمنظرها الخارجي، لكن قليل من يعي ما تخفيه ورائها من تداعيات جانبية وآثار سلبية. فهناك على سبيل المثال إختفاء متزايد للمساحات الخضراء في المدن مما يضر بالبيئة، وهناك هدم مستمر للمباني القديمة التاريخية التي تشكل كنوزاً ورموزاً للأرث الحضاري الفلسطيني لصالح أبراج ينقص الكثير منها الذائقة المعمارية والفنية، وهناك معادلات اقتصادية ومالية مجحفة تتمثل بالاقراض والاقتراض البنكي غير المنظم وبالفوائد العالية التي تغرق المستهلك في الدين مدى الحياة، وهناك سوء استغلال لقانون تشجيع الاستثمار.

فكيف نصف سوق العقار باختصار: أسعار فلكية، قروض بنكية، اكوام حجرية، واجهات زجاجية، تسهيلات ضريبية، فقاعات عقارية، هذا حول الحال.

 

لا نود من خلال هذه الورقة البحث في جميع التداعيات، إنما سنسعى للتركيز على المعاناة المباشرة التي يتعرض لها المستهلك من جراء هذا التطور العقاري العشوائي، لا بل هذه الفوضى العارمة التي تسيطر، تحديداً، على قطاع الإسكان من حيث الشراء أو الاستئجار. حيث أن هذا القطاع على تماس مباشر بحياة وحقوق مئات الآلاف من المستهلكين ممن "بلعوا السكين"، نتيجة غياب القانون الواضح، او نتيجة جهلهم بحقوقهم القانونية وبالتفاصيل الدقيقة لأصول شراء الشقق السكنية، ونتيجة تقصير الجهات الرسمية في حماية حقوقهم كمستهلكين، ونتيجه طمع وجشع بعض البائعين أو المؤجرين، ولا نعمم هنا.

جمعية حماية المستهلك والراصد العقاري أيضا يرصدان ومنذ فترة طويلة تداعيات التطوير العقاري على المستهلك، فالجمعية على تماس مباشر مع تجارب مريرة لمستهلكين في قطاع العقار في رحلاتهم المستحيلة لاستعادة حقوقهم من اصحاب الاسكانات التجارية سواء خلال عملية البناء والتسليم أو بعد السكن في "شقة العمر". يأتي المواطن لجميعة حماية المستهلك بعد أن تعجزه بيروقراطية المؤسسات، يأتي المواطن شاكياً، وربما باكياً، بعد أن دفعه تحويشة العمر وتوقيعه عقداً تعاقدياً لا قيمة له من الناحية القانونية، يأتي المستهلك، بعد اكتشافة حجم المقلب الذي وقع فيه بدءاً بالسعر المرتفع مروراً بسوء مصنعية أعمال التشطيبات وتمديدات الصرف الصحي والكهربائي، مرورا بانعدام العزل المائي والحراري، وانتهاء بالتلاعب الفاضح في نوعية المواد الإنشائية ومواصفات البناء ومساحته الفعلية. ناهيك عن عدم الالتزام بمواعيد التسليم سواء للشقة أو المكتب أو العيادة أو لسند الطابو. وكما أسلفت نحن لا نعمم، هناك أيضا تجارب ايجابية وهناك من نفتخر بهم من المقاولين ومشاريعهم.

 

لا أود أن اثقل عليكم بسرد المزيد حول المعاناة التي يعانيها المستهلك في قطاع العقار، لكن أود أن اعرض عليكم موقف جمعية حماية المستهلك من اسباب هذه الفوضى العقارية وسبل تنظيم وحل الاشكاليات العقارية، وصولا الى توصيات عملية بهدف خدمة وحماية المستهلك، التي نضعها نحن في الجمعية نصب أعيننا.

 

الأسباب والمسؤوليات

نعتقد في جمعية حماية المستهلك أن المسؤولية عن تنظيم قطاع العقار بهدف حماية المستهلك مسؤولية متعددة الاطراف، فهي تقع على عاتق الحكومة، ممثلة بعدة وزارات في مقدمتها وزارة الحكم المحلي ووزارة الاشغال العامة والاسكان وأذرعهم الرقابية والتنفيذية، أنها مسؤولية تقع على عاتق البرلمان الغائب المغيب والبلديات والمجالس المحلية والمحافظات، وكذلك شركات الخدمات كالكهرباء والماء وجهاز الدفاع المدني وكذلك نقابات المهندسين واتحادات المقاولين وغيرهم. ولتوضيح الاشكاليات وعلاجها لا بد من التوقف عند العناوين التالية:

 

الاشكاليات على المستوى القانوني:

1.     لم يصاحب النهضة العقارية التي تشهدها فلسطين في السنوات الاخيرة اي تطوير أو تحديث للقوانين الناظمة لقطاع الاسكان. فالقانون الساري المفعول هو قانون تنظيم المدن والقرى والابنية الاردني من العام 1966 وهناك ايضا قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم 6 من العام 2011 بنظام الابنية والتنظيم للهيئات المحلية والذي يعود الى نظام احكام الابنية والتنظيم للهيئات المحلية من العام 1996. باختصار ودون البحث في التفاصيل هذه القوانين غير كافية لانها لا تنظم العلاقة بين البائع والمشتري في قطاع العقار.

2.     لا يوجد عقد موحد قانوني مدروس ومعتمد من الجهات المسؤولة ينظم عملية بيع وشراء الشقق السكنية. لكل مقاول عقد يختلف عن الآخر، وتحتوي العديد من العقود المتداوله على "مطبات"، إن لم يكن "أفخاخ"، توقع المستهلك الذي يخوض التجربة للمرة الأولى في عمليات غبن وخداع.

3.     لا توجد مرجعية قانونية مؤسساتية، سوى ربما المحاكم النظامية أو محاكم البلديات، من الممكن أن يلجأ اليها المواطن لفض الخلافات وتحصيل الحقوق من المقاول. ومن المعروف كم من الوقت والعناء يتكلف المواطن لدى توجهه الى المحاكم في القضايا الحقوقية.

4.     لا يجود أي ضمانة قانونية ككفالة بنكية الزامية أو غيرها للصيانة يودعها البائع لضمان معالجة سوء المصنعية وأي خلل في البناء بعد تسليمه للمشتري، ولا توجد جهة رسمية لمتابعة ذلك.

 

الاشكاليات على مستوى الحكم المحلي والبلديات

1.     يشعر المواطن أن الهم الاساس للبلديات ينحصر في جمع الأموال من خلال تراخيص البناء. فالبلدية تعتبر المقاول صاحب عمارات الاسكان والمحلات التجارية مصدر دخل ممتاز لها. لذلك تقدم له التسهيلات والرخص وتتغاضى، بعض البلديات، عن الكثير من تجاوزاته لقاء الحصول على "المعلوم" عفواً الرسوم.

2.     تقبل البلديات بالمقابل المالي "المعلوم" في حال حدوث مخالفات للرخص الممنوحة، بدلا من اصرارها على أزالة وتعديل المخالفة.

3.     لا تربط البلديات قديم المخالفات بجديد الرخص. قديم المخالفات يعني معاناة المواطنين وهضهم حقوق المستهلكين.

4.     أما في بعض المدن الفلسطينية فيوجد أبنية غير مرخصة أصلا، ولا يوجد للبلديات سلطة لأزالتها وتعديل المخالفات. ولا يتم تنفيذ أية أوامر هدم خشية مقارنة هذه الأعمال بممارسات الاحتلال في هدم البيوت.

 

الاشكاليات على مستوى شركات الخدمات شركة الكهرباء ومصلحة المياه مرخصي المصاعد وغيرهم

1.     ترصد جمعية حماية المستهلك العديد من التجاوزات المتعلقة بالخدمات، حيث يقوم بعض اصحاب الاسكانات التجارية بالالتفاف على شركات الخدمات والحصول على الخدمات بطرق بعيدة عن الاستقامة. فمثلا توفر شركة الكهرباء بمجرد تقديم طلب لها الكهرباء المؤقته للورش قيد الانشاء، لكن كثير من المقاولين يستخدم هذه الكهرباء بعد الانتهاء من تشييد العقار لشبك شقق سكنية بالكهرباء المؤقته، وربما أيضا مصعد كهربائي. لا تقوم شركة الكهرباء باجراءات لوقف هذا التجاوز. لكن ذلك يعرض حياة المستهلك للخطر حيث أن الكهرباء المؤقته ليست للسكن أو التدفئة أو غيره. كما أن تكاليف الكهرباء المؤقته أعلى بكثير من الكهرباء الدائمة التي تستعمل للسكن. وهناك العديد من العمارات السكنية مربوطة بساعات كهرباء من عمارات مجاورة، مما يشكل ايضا خطراً على حياة المواطنين.

2.     الحال لا يختلف عند الحديث عن خدمة المياة أو الهاتف أو الانترنت او حتى المصعد المرخص من قبل الدفاع المدني.

 

الاشكاليات على المستوى الوطني العام

1.     تعاني المدن من الاكتظاظ العمراني بسبب محدودية الاراضي وضيق المساحات المصنفة وفق اتفاقيات أسلو بمناطق أ و ب، تلك التي يسمح فيها بالبناء، وهذا شأن سياسي وهناك أيضا غياب للمخططات الهيكلية ، أي ما يعرف (Master plan) في بعض المدن.

 

دور جمعيات حماية المستهلك والصحافة والمجتمع المدني والنقابات والاتحادات

1.     تلعب جمعيات حماية المستهلك والراصد العقاري والصحافة الوطنية والمجتمع المدني دوراً متناميا في مجال توعية المواطن حول حقوقه عند التعاقد لشراء شقق سكنية، ولا يجوز بأي حال من الأحول الادعاء بأن القانون لا يحمي المغفلين، والاكتفاء بذلك، القانون فيه الكثير من النواقص ومن واجبنا تعديله وتغييره.

2.     كما تسعى جمعية حماية المستهلك والراصد العقاري ومؤسسات المجتمع المدني الى ايجاد اليات لتصنيف شركات الاسكان. ووضع لائحة شرف للمقاولين المتميزين والملتزمين وتعتبر الجمعية أن ما تقدمه بعض البلديات من ارشاد للمستهلك قبل اقدامه على الشراء غير كاف، يحث أنه ينحصر بالاجابة على سؤال هل البناء مرخص ام لا دون الخوض في أي أمور اخرى مهمة للمستهلك.

 


 

التوصيات

توصيات جمعية حماية المستهلك ومندى فلسطين العقاري

لتنظيم سوق العقار في فلسطين

1.    سن قانون واضح، يصدر بقرار عن مجلس الوزراء، لتنظيم العلاقة بين المقاول والمستهلك، أي بين البائع والمشتري في الاسكانات والمحلات التجارية ، بحيث يحدد حقوق وواجبات كل واحد منهم.

2.    اعادة النظر في جميع القوانين الناظمة لقطاع العقار أو المتعلقة فيه بما فيها ضرورة تحديث قانون الايجار والاسئجار.

3.    يجب على الحكومة أن تنجز العقد الموحد القانوني الناظم لعميات بيع وشراء العقار، وتلتزم به جميع الاطرف. يجب أن يتضمن العقد الموحد جميع حيثيات التعاقد من دفع العربون مروراً بالبناء ومواصفاته وصولا الى التسليم والافراز والتسجيل أي الطابو وانتهاءاً بكفالات الجودة وغيرها بشكل يحمي حق المستهلك.

4.    يجب ايجاد مرجعية قانونية مؤسساتية لفض خلافات المستهلك مع أصحاب المشاريع الاسكانية والتجارية وتحصيل الحقوق.

5.    تعديل الأنظمة والقوانين البلدية الخاصة بموضوع التراخيص والمخالفات بحيث يمنع قبول المقابل المالي عوضاً عن تعديل المخالفة الانشائية.

6.     يجب على وزارة الحكم المحلي تفعيل أجهزة الرقابة على الدوائر الهندسية في البلديات والفحص الدوري والمستمر للرخص من حيث الالتزام بالقانون.

7.    يجب على وزارة الحكم المحلي والاسكان والبلديات الرقابة على الالتزام الحقيقي بالاشراف الهندسي الالزامي وأذونات الصب.

8.    يجب على الشركات المزودة لخدمات الكهرباء والماء والهاتف والجهات مانحة الرخص للغاز والمصعد وغيره اتباع نهج صارم تجاه كل من يقوم بالتجاوزات بحيث لا تقدم الخدمات إلا لمن يمتلك براءة ذمة حقيقية لا شكلية.

9.    يجب أن يكون على سلم أولويات القيادة الفلسطينية العمل على انتزاع حق المواطن الفلسطيني في البناء على كامل الارض الفلسطينية وليس فقط مناطق أ و ب.

10.                       ضرورة انجاز الخطط الهيكلية لجميع المدن الفلسطينية والعمل ضمن اطارها ولا يجوز ان يبقى الاحتلال أو المستوطنات شماعة نعلق عليها غياب التخطيط الهيكلي العام.

العمل على ايجاد الاليات والمؤسسات ذات الصلاحيات لتصنيف شركات الاسكان والمقاولين، ومخالفة أو مكافئة المقاولين والشراكات وفق صنيعها في هذا القطاع.