الرئيسية » الاخبار »   02 آذار 2024  طباعة الصفحة

التنظيم المجتمعي وحالنا صلاح هنية

يعتبر تنظيم المجتمع المحلي عملية ذات أهمية قصوى في هذه الأيام بحيث يجتمع الناس سوية لطرح قضايا تهمّهم وتعتبر أولوية لهم، وهنا يتجمعون في مكان مشترك حول قضية تهمّهم، ويضعون آليات طرحها ومتابعتها والخروج بنتائج إيجابية.
وتتعاظم قضايا الناس المشتركة وتتواصل الحملات لمحاولة حلها، إذ يتدافع الناس هذه الأيام باتجاه تشكيل لجان الأحياء في موقع مشترك ولقضايا مشتركة، وهذه التجربة رغم أنها بدأت جنينية منذ سنوات مضت وارتكزت في بدايتها على مؤسسات مساندة خصوصاً البلديات، إلا أنها ظلت تصعد وتهبط حسب الوضع العام، فتلك التجارب تتصاعد في ظل وباء مثل كوفيد-19، في ضوء قضية مركزية تؤثر على نهوضها، وطرح قضايا تخصهم مثل النظافة والبيئة والبنية التحتية والتعليم والصحة.
ولا بد من التركيز هذه الأيام على لجان الأحياء والتي من خلالها تطرح القضايا المشتركة، ومن ثم نذهب صوب القيادة. إذ إن كل مبادرة تحتاج إلى قيادة تأخذها من نقطة إلى أخرى وهذا يتطلب تدريباً أيضاً، وهي توفر قوة مشتركة تدعم قضاياها وتحقق أهدافها على قاعدة التشاركية.
ولعل نماذج كثيرة تحققت عبر لجان الأحياء، أهمها: التكافل الاجتماعي، التطوع لتنظيف الحي، أعمال الإسعاف الأولى، طرح عناوين قضايا مشتركة تعاظم قوة لجنة الحي وتضعها في مصاف العنوان الموحد والفاعل.
طبيعي أن تواجه لجان الأحياء تحديات، أبرزها أن الناس تعتقد أن هناك عصا سحرية تحل كل القضايا دون أي تحرك أو أي جهد، بحيث يتحولون إلى طرح القضية "النظافة مثلاً" دون أي حل أو اقتراح، فقط سؤال يتعلق بدور البلدية ولكنهم لا يستفسرون حتى عن المواطن الذي يقف وراء إلقاء النفايات من نافذة المركبة مثلاً، ويذهبون إلى تقسيم المهام والأدوار دون النقد الذاتي، دون التوعية، دون الضغط لتعديل السلوك.
وتواجهها تحديات نمط تفكير يضع العصا في الدواليب تحت عناوين "نحن بين الناس"، فيصبح أداة تعطيل لأنه يريد أن يكف يده ولكنه يريد أن يتبعه الجميع، "ما جدوى ما تفعلون؟"، "اسمعوا مني لن تتمكنوا من الاستمرار"، "إذا انتم فاهمين روحوا اقنعوا فلان ومن ثم نضع لكم الطاعة". هذا النمط هو حجر العثرة أمام أي نموذج من نماذج التنظيم المجتمعي الذاتي، ومهمة التنظيم المجتمعي فرملة هذه العقلية السلبية.
وحتى تكون الأمور أكثر عملية، فإن قضايا كثيرة ومتنوعة تحتاج إلى مبادرات خلاقة من أجل متابعتها وحلها وإيجاد قيادة وقدرات تخطيط، والأهم هو المبادرة وأخذ الأمور إلى الواجهة والتعبير عن حاجات وقضايا الناس، وترك المجال لكل من أراد أن يعبر عن قضية مشتركة تهمه وتشكل أولوية لهم ويجمعون عليها.