الرئيسية » الاخبار »   20 كانون الثاني 2024  طباعة الصفحة

حتى لا نكرر ذاتنا صلاح هنية

 

اليوم، طولكرم، جنين، نابلس، السموع، العروب، رام الله، قراوة بني حسان وبقية مدننا محافظاتنا باتت مستهدفة من الاحتلال بأشكال مختلفة، فتارة هدم منازل وأخرى تخريب وتدمير البنية التحتية، الأضرار في القطاع الصحي، وتعطيل التعليم، وحتى لا نكرر ذاتنا بشكل غير مفيد وغير مجد يجب أن يوضع تصور مستقبلي يكون قادرا على مواجهة التحديات ليس فقط بإمكانيات مالية ولكن بأبعاد أخرى طويلة الأمد تقود للصمود والثبات.
ولأننا، حكومة ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا، نبني سلوكنا على ردة الفعل وليس خطوات استباقية ممنهجة ومخططة، فقد بات ملحا، اليوم، العودة مجددا لقضية محورية هي «اللامركزية» بحيث لا يجوز أن ينتظر مكتب وزارة من الوزارات أوامر من المركز بل تكون له صلاحية القرار وتجيير إمكانياته لصالح الحدث، ولا يعقل أن نكتشف أن هناك نقصا قائم وكأننا في حالة رخاء نستطيع تغطيته في الدقائق الأخيرة، وهنا لا نتحدث عن طوارئ عادية بل هي طوارئ من العيار الثقيل.
بات ملحا أن نفكر جديا في توفير الإمكانيات وهذا يستدعي في ضوء الوضع الراهن أن يكون هذا الشغل الشاغل للوزراء ووكلاء الوزارات وبالتالي مجلس الوزراء، إذا كان بالإمكان الركون لوجود جهاز الرنين المغناطيسي لكل محافظات شمال الضفة الغربية في مركزين وتعطل احدهما لم يعد، اليوم، بالإمكان الركون لهذا الأمر بالمطلق، ومن الضروري توفير الإمكانيات بناء على الطوارئ.
البلديات باتت بحاجة ماسة لرفع قدراتها من حيث شمولها في الخطط والمشاريع حتى تكون سندا في الواقع الراهن الذي نعيش سواء من حيث الآليات وشبكات المياه والكهرباء، وهذا يتطلب الإفراج عن مستحقاتها من ضريبة الأملاك ورسوم النقل على الطرق بحيث تكون قادرة على القيام بدورها في أماكن الاجتياحات والتدمير.
عندما يجلس الجميع على طاولة صناعة القرار في المحافظات المستهدفة يجب أن يكون واضحا أن الأمور ليست طوارئ ثلوج ولا إغلاق طريق شرياني، بل هي قضية مصيرية يجب أن نرتقي باتجاهها ونحمل مسؤولية الناس على قاعدة «كلنا نحمل البلد».
توفير الأمن الغذائي مسألة بالغة الأهمية والتأكد من عدم الاستغلال والمغالاة في الأسعار واحتكار السلع.
ضمان كفاءة وفعالية قواعد البيانات المركزية في كل محافظة حتى لا نقع في حيص بيص عندما تقع الواقعة ولا يتوفر لدينا أي معلومة عن مواقع الخطر ومواقع الإمكانيات، لنفترض أن منقذا من رام الله سيقوم بمهمته في طولكرم أو مخيم بلاطة أليس من الضرورة أن يتمكن من معرفة واقع المكان الذاهب إليه، وهذا يسحبنا إلى الأمان لقواعد البيانات.
مؤسسات وفعاليات طولكرم تناشد، وكذلك جنين ونابلس والخليل ورام الله، إذا هناك احتياجات وأولويات بعضها موجود ولكنه غير مفعل لأسباب مختلفة والبعض حاضر في محافظات يشكل فائض حاجة ولو نقل إلى محافظة أخرى يكون وجوده أكبر وذا أثر بعيد المدى، هناك من هو قادر ومطالب برسم خارطة متكاملة يضع فيها الإمكانيات والاحتياجات والفرص المتاحة في كل محافظة لتكون مرتكزا في الحالات الراهنة، ولا يعقل أن نخمن هل هم بحاجة أم لا.
نظريا، قد نكون الأكثر إبداعا ولكن ميدانيا لسنا كذلك ونكرر ذات العبارات والتذمرات والاستغاثات، ولكننا لا نبدع ميدانيا، فنختار أشخاصا لنقول، انهم ابدعوا، ولكن الموضوع ليس مبنيا مؤسسيا بحيث يكون الكل جاهزا لكبسة زر ويحرك كل إمكانياته ويعلم أين يتكامل مع الآخرين، ولا يعقل أن نتضارب مع بعضنا البعض فتصبح كل الإمكانيات عبئا، وبكبسة زر نعلن عن مراكز الإيواء بحيث تكون عامرة بالاحتياجات الإنسانية خصوصا للمرأة والأطفال والمسنين، ونكون قادرين على التعامل مع مصادر المياه والطاقة وليس من المنطقي أن نبدأ بالاستغاثة.
الاحتلال يقوم بعمل نموذج في بعض المدن لكي يدرس ويحقق عامل الردع، وبالتالي يجب أن تكون حكومتنا وقطاعنا الخاص والمجتمع المدني قادرين على التعامل مع التحديات الناجمة عن تلك الأوضاع، وعلينا أن نعلم أن ظهورنا في الحيط ونلغي من أذهاننا نشيد الصباح (أين المجتمع الدولي؟) فكلما وفرنا روافع للطوارئ وإدارة الأزمة وحفظنا كرامة الناس قل حديثنا عن السؤال الاستنكاري الذي يصبح دون لزوم.