الرئيسية » الاخبار »   02 كانون الأول 2023  طباعة الصفحة

كيف يدفعنا الخوف إلى تخزين السلع؟

من المؤكد أنك قمت بزيارة لمرة أو أكثر لمراكز التسوق أو المحال التجارية للتزود بالمشتريات واللوازم أثناء فترات الأزمات ، ولابد أنك عزيزي القارئ شاهدت هلع التسوق أمام عينيك.

فما هي الدوافع وراء هلع التسوق؟.

وكيف نتعامل مع هذه الأزمة؟.

وكيف نجهز قائمة التسوق الخاصّة بنا لا نجعل هلع التسوق يسيطر علينا؟.

أولاً: لماذا نتسوق بشكل مبالغ فيه عند الأزمات؟

اللايقين والخوف من الخطر

الإنسان بطبيعته يخشى من المجهول وحالات عدم التأكد، وهذا ما نعيشه في حالات الأزمات، مما يجعل الأفراد يعتقدون أن الاستجابة لابد أن تكون متوازية مع حجم الخطر الذي يتوقعونه، بالتالي سيؤدي ذلك إلى التهافت بشكل كبير على شراء السلع بكميات تفوق حاجاتنا أو قد لا نحتاجها أساساً.

يقول تايلور “الأخصائي النفسي بجامعة بريتيش كولومبيا”

إن ثمة فارقا كبيراً بين الاستعداد للكوارث وبين الشراء بدافع الهلع. ففي الحالة الأولى يعرف معظم الناس السلع التي يحتاجونها في حال نقص المياه أو انقطاع الاتصالات، لكن المشكلة أن الغموض الذي يكتنف آثار تفشي فيروس كورونا المستجد يدفع الناس للإفراط في الإنفاق.

ولذلك نشهد تصرفات استهلاكية غير عقلانية أدت إلى إفراغ أرفف المحال التجارية من المنتجات وهذا ينطبق على السلع غير الأساسية، ولابد أنك عزيزي القارئ مررت على خبر نفاذ ورق المرحاض من المحال التجارية وتخصيص رقم طوارئ لطلبه في بعض الدول.

الباحثة في مجال الأنثروبيولوجيا خولة تيسير

“التسوّق يهدف إلى إضفاء شعورٍ بما يمكن أنْ نسمّيه “استعادة السيطرة” على عالمٍ يشعر أفرادُه أنّه خرج عن سيطرتهم وسيطرة حكوماتهم. وبالتالي، تصبح السلع وسيلتهم لتحقيق قدرٍ من الاستقلالية وشعورٍ بالسيطرة على صحتهم وحياتهم.”

العدوى الإجتماعية من هلع التسوق

تنتشر العدوى الإجتماعية كما ينتشر الفيروس وربما أسرع، حيث أننا كائنات إجتماعية تتأثر بالمحيط الذي حولها، فحين لا نعرف كيف نتصرف حيال أزمة ما فإننا غالباً سنتبع القطيع في تصرفاتهم، فإذا رأينا الناس من حولنا يقومون بتخزين المشتريات أويظهرون شيئا سلوك الذعر عندها سنستند إلى غرائزنا ونقوم بتقليدهم.

تلعب عقلية القطيع دوراً هاماً في حثّ الناس على الشراء، حيث يسمعون ويرون التهافت على الشراء سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في نشرات الأخبار، مما يعظم الشعور بندرة السلع والتشكيك في توافرها في الفترات المقبلة، مما يدفع المزيد والمزيد من الأفراد للقيام بالتسوق خاصة مع انتشار الشائعات وما فيها من مبالغات. ويقول الخبراء إن عقلية القطيع تلعب دورا في دفع الناس للشراء عندما يرون غيرهم يتهافتون على المتاجر.

إلا أن التسوق المصحوب بالهلع يؤدي لشراء كميات غير منطقية من السلع التي تفوق حاجتنا بمراحل وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، ارتفاع الأسعار سيعطي شعور زائف بأن السلع ستنقص أو تنفد من الأسواق وهذا يحفّزهم على الشراء مرة أخرى مما يرفع الأسعار مجدداً ويضاعف الشعور بالقلق ويضاعف حدة الأزمة.

يقول ستيفن تايلور “الأخصائي النفسي بجامعة بريتيش كولومبيا”

إن تخزين السلع قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، فإذا تضاعف سعر السعلة، يظن المستهلك أنها ستنقص، وهذا يؤجج الشعور بالقلق.

ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو التريث والهدوء لنتمكن من اتخاذ القرارات بشكل صحيح لأن الهلع يحد من قدرتنا الإدراكية في التفكير، كلما زادت قدرتنا على التعامل بشكل منطقي سيعزز قدرتنا على التعامل بشكل جماعيبطريقة تقلل من حدّة الأزمة.

تخيل عزيزي القارئ أثر هلع التسوق علينا فمثلاً مدينة أوكلاند في نيوزيلندا زاد معدل الإنفاق على السلع الغذائية بنسبة 40% مقارنة بنفس اليوم من العام السابق. وفي ماليزيا زاد معدل المبيعات الأسبوعي لمعقمات اليدين بنسبة 800%.

ثانياً: ممارسات مهمة يجب التنبه لها عند التسوق في الأزمات

اتنبه أن يسيطر عليك هلع التسوق

نعلم عزيزي القارئ أنك تواجه حالة من الخوف تدفعك للتسوق “هلع التسوق” وكأنه آخر فرصة لتأمين حاجاتك، لكن تأكد أنه أن السلع ستكون متوفرة، وأن الحكومات سوف تضبط الأسعار وتضع سقف سعري للسلع الضرورية، وستوفر آلية لضبط عملية التسوق مثل تحديد ساعات محددة للمحلات التجارية ومراكز التسوق للعمل، كما أن التسوق الالكتروني متوفر مع التوصيل لباب منزلك.

التسوق وكأنه آخر يوم في حياتك

هلع التسوق سيشعر البعض بأن هذه آخر فرصة لتجربة أشياء لم يجربوها من قبل، لذلك سوف تمتلئ سلال التسوق لدى البعض بالكثير من السلع الكمالية التي لا تشكل أولوية في هذه المرحلة. لن تشعر عزيزي القارئ بعظم الخطأ الذي ارتكبته إلا عند الخروج من الأزمة ستكتشف أنك أنفقت ما يفوق ميزانيتك خلال فترة الأزمة.

التسويق بذكاء

لا تجعل هلع التسوق يسيطر عليك فقبل الذهاب لمراكز التسوق تفقد غرفة المؤنة واكتب ما تحتاج إليه من سلع، ركز على السلع التي ليس لها مدة صلاحية مثل الأرز والبقوليات، عند شرائك للمعلبات انتبه لتاريخ الصلاحية، ابتعد عن تجريب منتجات جديدة لا تعرف جودتها.

حدد الميزانية التي المتاحة لك، في هذه الأزمة قد تتحتاج للجوء إلى صندوق الطوارئ الخاص بك ، لكن تذكر أن السلع ستكون متوفرة بشكل دائم في المحال ومراكز التسوق، لا داعي للمبالغة.

البحث عن بدائل أرخص لبعض السلع

في أزمة فيروس كورونا “كوفيد 19” من أهم طرق المواجهة هي التعقيم، لذلك زاد الإقبال على شراء منتجات التعقيم مما زاد أسعارها في بعض المناطق، لكن عزيزي القارئ على سبيل المثال فإن فنجان من “الكلور” مع لتر من الماء سيوفر لك سائل مطهر للأسطح، كما أن غسيل الأيدي لمدة 20 ثانية سيعمل على القضاء على الجراثيم دون الحاجة لمعقم اليدين.

تذكر أهمية صندوق الطوارئ

عزيزي القارئ إذا كنت من الأشخاص الذين لديهم مخصصات ادخار للطوائ فهنياً لك، لن تشعر بالورطة حالياً ولن تضطر للاقتراض. هذه الأزمات التي نواجه فيها حاجة إلى النقود أكثر مما نحتاجه في الحالات العادية، خاصة مع سياسات الحظر التجوال التي تطبقها معظم الدول، سيفقد البعض ممن يعملون في قطاع الأعمال الحرة مصدر رزقهم بشكل مؤقت، لذلك لابد من التذكير بأهمية تخصيص جزء من الدخل وتوجيهه للادخار لحالات الطوارئ.

لا تنس المحتاجين

هلع التسوق يجعلنا نفكر في أنفسنا فقط، لكن سيعاني أصحاب الدخل المحدود وأصحاب الأعمال الحرة أكثر من غيرهم في هذه الأزمات، لا تنس أن تحسن لهم في هذه الفترة، ولو بمساعدتهم بمستلزمات أساسية للأسرة كالأزر والزيت …، هذه السلوكيات ستعزز الوحدة والتكافل في المجتمعات.