الرئيسية » الاخبار »   07 نيسان 2012  طباعة الصفحة

موضة البوربيونت ... بقلم: صلاح هنية
 
يقتلني ذلك العرض الإلكتروني على شاشة كبيرة أو متوسطة في معظم اللقاءات والاجتماعات، حيث تلون الشرائح وتضاف إليها صور ويقال في ختامها: شكراً لمتابعتكم. هذه الموضة الشائعة بين المدربين ومعدي الخطط الإستراتيجية لهذه المؤسسة وتلك، مع استخدام عبارات وجمل رنانة في العرض توحي بمضمون متميز.
فتلك خطة إستراتيجية تحوي خطة قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى، ويسبقها اجتماع مع الخبراء ومن ثم توقيع مذكرة تفاهم، ومن ثم تقارير عن تقدم العمل، وخلال ذلك ورش عمل ولقاءات تنعش قاعات الفنادق والمطاعم في الوطن وأحياناً تصاحبها وجبة خفيفة وأحياناً وجبة دسمة.
والمشجب الذي يجب أن نعلق عليه دائماً هو "الوزارة الفلانية لا تتابع معنا حيث وصلنا من التقدم في الخطط الإستراتيجية والرؤى"، ولا يحملون أنفسهم أي خطأ أو خلل.
تقتلني تلك العروض بشكل كامل لعدة أسباب أبرزها أنني أذهب صوب المؤسسات لأتلقى خدمةً فأجد نفسي مواطناً من الدرجة العشرين ولا قيمة لي ولا رأيي مسموع، وعلى قاعدة إما أن تأخذ الخدمة كما نريد نحن وإما فاذهب إلى حيث ألقت رحلها أم خشعم.
في البنوك في كافة أرجاء العالم عدا فلسطين هناك معيار واضح لخدمة الزبون الذي يعتبر على حق، وعليه تقوم عملية استمرار وبقاء البنك أساساً سواء من حيث ودائعه أو قروضه أو حوالاته أو حتى دفعه فاتورة الهاتف والكهرباء والمياه فيها. لدينا لا توجد قيمة للوقت في البنك، فقد تمضي ساعة أو ساعتان أو نصف ساعة "أنت وبختك"، وإن حصلت على إذن مغادرة من عملك لتنجز معاملة في البنك يتحول إذن المغادرة إلى إجازة يوم لأنك تجاوزت الساعتين.
نصيحتي للبنوك أن تلغي الأرقام المتسلسلة للزبائن وأن تلغي ما يكتب عليها "مدة تلقي الخدمة بعد ثلاث دقائق"، ولتبقي البنوك على سياستها بتشغيل صندوقين والباقي يجلس فيها أشخاص يعدون أموالاً أو يرتبون أوراقاً ولا يهتمون بتكدس أعداد الناس، وفي الزاوية هناك مراقب، وفي الزاوية الثانية مدير فرع وكلاهما لا علاقة له بالأمر.
تقتلني تلك المسماة "بور بوينت" الإفرنجية، لأنني كمتلقي خدمة لا يتم تنويري بأن طلب نقل الهاتف مختلف عن طلب وقف خدمة الهاتف ومفصول عن طلب وقف خدمة الإنترنت، وعليك أن تمضي شهراً تناقش وتناقش وتناقش، ولكن الجواب هو نفسه: أنت طلبت نقلاً ولم تتوفر الإمكانية الفنية، وبالتالي هذا هو الموجود.
يقتلني هذا العرض الإلكتروني لأنني أعرف صديقين لم يتمكنا من السكن في الشقة الجديدة التي ابتاعاها منذ عامين لأن المطور العقاري لم يضع محولاً كهربائياً في البناية، وبالتالي احتار أولو الأمر وأهل الحل والربط في موقع المحول بعد إنجاز العمارة تارة بين العمارة وعمارة الجار، وتارة بين عمارتين للمالك نفسه، وتارة برج وعليه محول وتارة في الجزيرة الوسطية، وتارة أهل الحل والربط يسعون لإيجاد مخرج وتارة يصبحون طرفاً مع طرف من الأطراف وهو الأقوى طبعاً المطور العقاري، فالمشتري غلبان اشترى هذه البناية وخلصنا، لكن المطور لديه مخططات ورخص بناء والحبل على الجرار فرضاه أهم من رضا المواطن الغلبان.
باختصار، قررت اعتزال المشاركة في أي ورشة عمل فيها حضور للتكنولوجيا أو فيها منشط للنقاش أو ميسر أو مدرب أو متميز أو قائد فريق تميز أو من يريد أن يعرض علي إبداعاً في نظام للمكافآت أعرف أنه لن ينالنا من حبه جانب.
باختصار، قررت أن أكون في الميدان كما كان الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء الأسبوع الماضي في الولجة والخضر أي في ما يسمى الريف الشرقي لمحافظة بيت لحم هناك حيث الالتحام بالناس لتجسيد التميز في الأداء دون تكنولوجية، وتجسيد الريادة والمبادأة.
خارج النص:
عاد البريق إلى جامعة بيرزيت مرتين الأولى باعتماد النهج الديمقراطي من قبل الجامعة كمؤسسة عريقة تاريخياً في الوقت الذي حجب فيه صندوق الاقتراع عن المواطن والوطن، وبات أبناؤنا وبناتنا يناكفوننا بأننا نمارس حقنا الانتخابي في جامعتنا ونختار من نشاء ونعاقب من نشاء ديمقراطياً. والثانية عندما عادت حركة الشبيبة الطلابية إلى قيادة الدفة في مجلس الطلبة ضمن تنافس ديمقراطي حر شريف خاضته تسع قوائم طلابية، نعم أنا منحاز بالكامل للتجربة الديمقراطية ولعدم حجب صندوق الاقتراع عن الحركة الطلابية علهم يخرجون للمجتمع أكثر ديمقراطية.
في الوطن اليوم ما زلنا لا نستطيع ممارسة حقنا في التغيير بعد انتخابات طال أمدها منذ العام 2005 لهيئات الحكم المحي على مرحلتين، وآخر انتخابات رئاسية وللمجلس التشريعي في العام 2006، ومنذ ذلك التاريخ نسينا شكل صندوق الاقتراع ونسينا مراكزنا الانتخابية ونسينا ما هي الانتخابات، ورغم ذلك ما زالت هناك لجنة انتخابات مركزية في الوطن، وما زال هناك مرشحون افتراضيون، وما زال هناك قياس شعبية في أوساط الرأي العام الفلسطيني.
وهرمنا وضاعت منا فرصة التغيير عبر صندوق الانتخابات... وضحك منا أبناؤنا وبناتنا في جامعة بيرزيت لأننا لم ننجح في أن نسبقهم في إعادة إحياء التجربة الديمقراطية في فلسطين.
[email protected]
 
تاريخ نشر المقال 07 نيسان 2012