الرئيسية » الاخبار »   25 تشرين الثاني 2012  طباعة الصفحة

الخليل وإسهامها في الاقتصاد الوطني ........ علام الاشهب - مدير دائرة الاقتصاد والتنمية بلدية الخليل

تعد الخليل اكبر محافظات الوطن من حيث المساحة والسكان حيث تشكل مساحة الخليل16.6% تقريبا من مساحة الاراضي الفلسطينية ويشكل عدد سكانها ثلث سكان الضفة الغربية اي ما يقارب610,391 نسمة حسب تعداد الجهاز المركزي للاحصاء للعام 2010.

تحتل الخليل مكانة مرموقة في فلسطين كونها من اقدم مدن العالم بتاريخها الذي يعود الى عام 3500 ق.م.، قصدها جد الانبياء ابراهيم عليه السلام ونزلها سنة 1805 ق.م. حيث عاش ودفن فيها ومن هنا اكتسبت مدينة الخليل قدسيتها ومكانتها الدينية والاقتصادية الخاصة كونها تقع على ملتقى طريق التجارة بين الشام ومصر.

عرفت الخليل باهميتها التجارية منذ القدم واشتهر تجارها بالحرف والمهن الصناعية وهذا ما تعكسه بلدتها القديمة باسماء اسواقها التجارية : كحارة القزازين وسوق اللبن وسوق الحدادة وغيرها وتشتهر الخليل الى يومنا اليوم بصناعاتها التقليدية كصناعة الزجاج والخزف والفخار الذي لا يزال يصنع بالطرق التقليدية القديمة متوارثا ابا عن جد.

مكانة الخليل الدينية اعطتها بعدا خاصا لتكون مقصدا للحجاج من ارجاء العالم حيث ازدهرت الخليل وتطورت على مدى الحقب الزمنية بمن حكمها من انظمة الى ان وقعت تحت الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967 ، حيث كانت اول المدن التى استهدفها الاحتلال بالاستيطان غير الشرعي في قلب مدينتها وحولها وارجاء محافظتها حيث حد هذا الاستيطان من التطور والنمو الاقتصادي.

مع انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية اعطيت الخليل وضعا خاصا حيث كان اعادة الانتشار في الخليل وفق اتفاقية خاصة اطلق عليها اسم برتوكول الخليل في العام 1997حيث نصت هذه الاتفاقية على تقسيم المدينة الى قسمين H1 ويقع تحت السيطرة الفلسطينية و H2 ويقع تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية بما فيها المنطقة الصناعية والبلدة القديمة وسوقها التجاري "القصبة" بما فيها من صناعات ومحلات تجارية.

وخضعت هذه الى المنطقة الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي الى الاغلاقات المتكررة ومنع التجوال لفترات طويلة واغلاق لشوارع رئيسية الى يومنا هذا حيث يوجد فى البلدة القديمة ما يزيد عن 1800 محل تجاري مغلق باوامر عسكرية والشارع الموصل بين شمال المدينة وجنوبها "شارع الشهداء " ما زال مغلقا حتى يومنا هذا ويتكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر اقتصادية فادحة جراء هذه الاجراءات الاسرائيلية الظالمة.

على الرغم من كل الاجراءات والقيود والمعوقات التى يضعها الاحتلال الاسرائيلي بقت الخليل تحتل مكانة اقتصادية متقدمة على صعيد الوطن وقد دعم هذا التقدم عنصرين اساسيين اولهما البنية التحتية الحديثة والمستقرة التى توفرها بلدية الخليل والسلطة الفلسطينية بمؤسساتها ووزاراتها المختلفة التى ساهمت بشكل كبير في النهضة الاقتصادية وكذلك مهارة تجارها ورجال اعمالها، واقدامهم على الاستثمار فى الوطن رغم ارتفاع نسبة المخاطرة.

كما ان الغرفة التجارية فى الخليل تعتبر الاقدم فى الوطن وتطورت كثيرا لتصل اليوم الى مستوى متميز عربيا وعالميا. ولملتقى رجال الاعمال دور متميز ايضا فى تطوير الاقتصاد الفلسطيني بقيادة اقتصادية متميزة ورجال اعمال.

فاذا ما تناولنا مساهمة الخليل على صعيد الاقتصاد الكلي الفلسطيني نجد ان الخليل تساهم بنسبة كبيرة من الناتج القومي الاجمالي وتساهم وكذلك الحال من حجم التجارة على الصعيد المحلي اما فيما يتعلق بالتجارة الخارجية فتساهم الخليل بما نسبته ( 30.5%معدل 2007 -2010) من حجم الصادرات الفلسطينية وما نسبته (17.5%معدل 2007 -2010) من حجم الواردات الفلسطينية.

اما من حيث رأس المال البشري فتشكل نسبة القوى العاملة المشاركة في الخليل ما نسبته (46.6% ) حيث تمتاز هذه القوة العاملة بالكفاءة والمهارة تدعمها اربع جامعات فلسطينية رائدة تخرج كل عام افواجا من المهندسين والفنيين والاداريين والمحاسبين وغيرها من التخصصات التي يحتاجها السوق الفلسطيني. وما يعيق عمل هذا القطاع الهام من الاقتصاد هو النسبة العالية من البطالة التي تزيد عن 21% من حجم القوة العاملة.

تشتهر الخليل بصناعاتها الوطنية المعروفة في قطاعات الحجر والرخام والاحذية والجلود والاخشاب والاثاث المعدني وصناعة الشيبس وصياغة الذهب اضافة الى الصناعات التقلدية من الزجاج والسيراميك والفخار.

حيث تعتبر صناعة الحجر والرخام من اهم الصناعات الوطنية ويساهم هذا القطاع بما نسبته 45% من الدخل الصناعي او ما يقارب من 5% من الناتج القومي الاجمالي. ويصدر الحجر والرخام الى معظم دول العالم ما يقارب 90 دولة ، وتحتفظ الخليل بما نسبته 60% من احتياطي الحجر والرخام في فلسطين .

كما ان الخليل تضم أكثر من 35% من الوحدات الصناعية في الضفة الغربية من الصناعات الغذائية و النسيج والملابس و الجلود ومنتجاتها والأخشاب و الورق ومنتجاته وصناعات المواد المعدنية ومشتقاتها و صناعة الأدوات الكهربائية. وتعتبر الصناعات التى تشتهر فيها الخليل في مجال اكياس النايلون والاحذية واحجار البناء والاثاث المعدني والخشبي والشبس من السلع العشرة الاولى في قائمة الصادرات الفلسطينية.

اما على صعيد التجارة فالخليل تحتل مكانة خاصة حث تشكل ما نسبته 54% من حجم التجارة الفلسطينية المحلية، فكما عرفت الخليل على مر الاجيال بمهارة تجارها وقدرتهم المالية نجد اليوم ان العديد من التجار ورجال الاعمال قد يمموا صوب الاسواق العالمية وانشأوا المكاتب التجارية في الصين والهند واوروبا ، وتجدهم حاضرين بشكل متميز في كل المعارض الصناعية والتجارية في كافة انحاء العالم.

يعطي الحرم الابراهيمي الشريف والبلدة القديمة التي تعود أبنيتها للعصرين المملوكي والعثماني أهمية دينية وثقافية خاصة وكانت الخليل محجا للعديد من الزوار محليا وعربيا ودوليا، حيث اشتهرت الخليل بسياحتها الدينية الى العام 1967، الا ان الاحتلال الاسرئيلي والاستيطان فى قلب المدينة قد اثر سلبا على قطاع الصناعة السياحية، فما يفرضه الاحتلال الاسرائيلي من اجراءات وممارسات حد من قدوم الزائرين اليها ولا تشكل السياحة اهمية كبيرة فى محافظة الخليل كما هو الحال فى بيت لحم والقدس مثلا.

واليوم تقتصر السياحة بشكل كبير على السياحة المحلية من الزائرين من ارجاء الوطن او فلسطينيي الداخل الذين يؤمون المدينة للعبادة والتسوق. ومن المعيقات التطويرية لهذا القطاع الهام عدم توفر عدد كاف من الغرف الفندقية للقادمين من الخارج.

قطاع النقود والبنوك من القطاعات الهامة في بنية الاقتصاد الوطني والبنوك الفلسطينية والاردنية حاضرة بكثرة فى الخليل وتوفر خدمات مصرفية متميزة لرجال الاعمال والتجار والمواطنين بشكل عام. ويتواجد في الخليل اليوم ( 16 بنكاً )من البنوك التجارية والاسلامية عاملة بشكل فعال فى المحافظة. وفي قطاع الاوراق المالية وتداول الاسهم يتواجد فى الخليل شركتان اساسيتان لتسهيل عمل السوق المالي لتداول الاسهم (البورصة).

شهد قطاع العقارات والبناء نهضة كبيرة منذ انشاء السلطة الوطنية الفلسطينة على الرغم من محدودية الارض المسموح البناء فيها ضمن حدود البلديات ومع الزيادة المطردة في عدد السكان تحول النمط العمراني الى اتجاه العمارات السكنية ذات الطوابق المتعددة، كما حدث زيادة كبيرة فى عدد الاسواق التجارية (المولات)، واصبحنا نرى الاسواق والمحلات التجارية منتشرة في كافة انحاء المدينة والحال ينطبق هنا على كافة المدن والبلدات والقرى فى المحافظة. ويساهم قطاع البناء والانشاءات بنسبة كبيرة من الناتج المحلى الاجمالي. ويمتاز قطاع البناء والانشاءات بالعمارة الجميلة التي تستخدم الحجر والرخام الفلسطيني الناصع البياض.

لقطاع الزراعة اهمية خاصة فى الخليل حيث اشتهرت الخليل منذ عقود بمحاصيلها الزراعية وعيون الماء فيها وعندما نتحدث عن الزراعة في الخليل يحضر في البال كروم العنب والتين التى تشتهر بها اراضي الخليل الزراعية. الا ان محدودية الارض الزراعية وقلة مصادر المياه فى السنوات الاخيرة ادى الى انخفاض المنتوجات الزراعية في المحاصيل الزراعية وخاصة الخضروات. والاحصاءات الزراعية تشير الى ان مساحة الارض المزروعة في الخليل تبلغ 158000 دونم في الاعوام 2009-2010 وهناك امكانية لزيادة مساحة الارض المزروعة ولكن محدودية مصادر المياه تحد من ذلك ، ومن المحاصيل التي تشتهر بها الخليل كروم العنب والزيتون واللوزيات والمحاصيل الحقلية والحبوب والخضار والاشجار المثمرة مثل الزيتون.

للثروة الحيوانية اهمية خاصة فى الخليل ايضا اذ تشكل 30.2% من جملة هذه الثروة في الضفة الغربية حيث تشتهر الخليل ومزارعيها بتربية الضأن والماعز ومزارع الابقار التي ترفد مصانع الالبان باحتياجاتها من الحليب واللحوم الطازجة.

اما قطاع الطيور والدواجن فالخليل حاضرة بقوة في هذا القطاع الهام من حيث تربية الدواجن والطيور .

المعيقات التي تحد من المزيد من التطور والازدهار والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

1.الاحتلال الاسرائيلي وما يفرضه من قيود على حرية الحركة للبضائع والاشخاص والخدمات .

2.محدودية الارض الخاضعة للسيطرة الفلسطينية حيث ان معظم الاراضي في المحافظة تقع ضمن تصنيف C و B والاستيطان عقبة رئيسية في طريق النمو الاقتصادي.

3.تقسيم مدينة الخليل، والاستيطان فى قلبها والاستيلاء على الحرم الابراهيمي واغلاق المحلات التجارية والشوارع والاسواق في البلدة القديمة.

4.عدم توفر منطقة صناعية متطورة ومحدودية امكانية توسعة المنطقة الصناعية القائمة بسبب وقوعها ضمن المنطقة H2 .

5.عدم اعطاء التراخيص من السلطات الاسرائيلية لانشاء المناطق الصناعية الحدودية كما هو الحال في مشروع المنطقة الصناعية فى ترقوميا.

6.عدم اعطاء التراخيص للاستثمار فى القطاعات الصناعية والعقارية والزراعية فى المناطق غير المصنفة A.

7.المعابر التي انشأتها اسرائيل والتي تعيق التصدير للسوق الاسرائيلي وقطاع غزة وتمنع ايضا حرية التصدير الى الخارج.

نظرا لاهمية الخليل الاقتصادية خطت بلدية الخليل خطوة رائدة بانشاء دائرة الاقتصاد والتنمية فاضافة الى مهمة البلدية الاقتصادية فى توفير البنى التحتية والفوقية للتنمية الاقتصادية تعمل بلدية الخليل بالشراكة مع العديد من المؤسسات الدولية من اجل عمل برامج تدعم الاقتصاد الوطني والتي كان اخرها اطلاق مشروع حاضنات الاعمال لخريجي الجامعات من خلال مشروع التنمية الاقتصادية المحلية بالشراكة مع برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP والجامعات المحلية والغرفة التجارية ولمتقى رجال الاعمال وكذلك منتدى سيدات الاعمال.

ستواصل بلدية الخليل برامجها المستمرة من اجل الوصول الى حجم التحدي الكبير الذي تشكله الخليل في الاقتصاد الوطني الفلسطيني.

مصدر البيانات: الجهاز المركزي للاحصاء . تقرير محافظة الخليل