الرئيسية » الاخبار »   24 آذار 2021  طباعة الصفحة

2600 مواطن يتلقون اللقاح خلال 24 ساعة مراكز التطعيم: زحام خانق وأعداد مطاعيم قليلة والصحة تأمل من المواطنين الالتزام بالتسجيل

الالتزام بالتسجيل


كتب يوسف الشايب:

 

كان الغضب بادياً على المواطن سيد الغول (77 عاماً)، بعد أن حضر إلى مدرسة الفجر في حي البالوع، مركز تطعيم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لسكّان مدينتي رام الله والبيرة، عند العاشرة صباحاً، ليتفاجأ وولده الذي كان يرافقه لمساعدته، بأن الكمية المخصصة للتطعيم في هذا اليوم (أمس)، قد نفدت، وأن عليه العودة لعله يظفر بلقاح في اليوم التالي، علماً بأنه سجّل في "المنصة" الخاصة بتسجيل المواطنين الراغبين بأخذ اللقاح.

أما المواطنة سلوى البرغوثي، والتي حضرت بعد الغول بنصف ساعة، فحالها لم يكن مختلفاً عنه، إذ قالت لـ"الأيام": جئت لكوني أتجاوز سن الخامسة والسبعين، لأجد أن الجرعات نفدت مبكراً من مدرسة الفجر الموقع المخصص لتطعيم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في مدينتي رام الله والبيرة، فطلبت بتزويدي برقم كي أضمن أخذ اللقاح غداً، إلا أنهم رفضوا، وطلبوا مني القدوم، غداً، لأخذ رقم جديد، وقد أحصل على اللقاح وقد لا أحصل عليه.. أبلغونا أن ما وصل إلى رام الله والبيرة من لقاحات اليوم (أمس)، كان 200 لقاح فقط، وجميعها "أسترازينيكا"، بالأمس، لقحوا البعض بـ"فايزر"، لكن على ما يبدو لا يوجد "فايزر" اليوم (أمس).. لا يهمني ماهية الطعم، ولكن يهمني أن آتي إلى هنا مراراً وتكراراً برفقة ابني، ولا أحصل عليه، سآتي، غداً، في الصباح الباكر، وأتمنى أن أحصل على التطعيم.

ونشر محمد عواودة من دائرة العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي في "فيسبوك"، أن 2600 مواطن تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية في فلسطين، في حين أكد معتصم محيسن مدير عام صحة رام الله والبيرة لـ"الأيام" أن 500 جرعة وصلت إلى رام الله والبيرة، أول من أمس (الاثنين)، بينما أشار الطبيب حلمي زيادة مدير وحدة الطب الوقائي في محافظة رام الله والبيرة أن ما وصل إلى رام الله والبيرة، أمس (الثلاثاء)، كان 200 جرعة، وأن جدولة الجرعات وأعدادها تعدّها الوزارة حسب طاقتها.


في الانتظار
الشاب أحمد وجيه، وكان برفقة والدته وعمته، المسنتين والمصابتين بأمراض مزمنة صعبة، أكد لـ"الأيام"، أنه، ولليوم الثاني على التوالي لم يتمكن بالحصول على تطعيم لهما.. وقال: ما يحصل أنك تأتي وتحصل على رقم، فمثلاً أول مرة إذا كان رقمك (501) وعدد المطعومات (500) لا يحتسب أنك الأوّل في اليوم التالي، وعليه فإنك مضطر لاصطحاب المسنّات المريضات من أقاربك، مرّة أخرى، لعلك تظفر برقم جديد تحصل من خلاله على التطعيم، وهو ما لم يحصل للمرّة الثانية.. يجب توزيع أرقام تشتمل على أيام محددة وساعات محددة للتطعيم، دون ذلك سيبقى الوضع مأساوياً.

بدوره، قال المواطن غسان عبد الله: توجهنا للحصول على المطعوم أنا وزوجتي قبل يومين، وأخبرونا أن نحضر في أعقاب الساعة الحادية عشرة بعد يومين (أمس)، لتفادي الأزمة، وها نحن نتفاجأ أن كمية المطاعيم نفدت.. توقعت أن التسجيل على المنصة يعني الاتصال بمن قاموا بالتسجيل وكل يأتي بشكل منظم حسب موعد محدد له، لا أن كل من يأتي مبكراً يحصل على التطعيم.. ما يحدث للأسف فوضى محزنة، متسائلاً: ما فائدة التسجيل في المنصة إذا كانت الأمور تسير بهذه الطريقة؟!

ولفتت زوجته أنيتا عبد الله إلى أن المتواجدين في ساحة الموقع من أعمار مختلفة، وليسوا جميعهم من كبار السن، أصحاب الأولوية في التطعيم ضمن الفئة الأولى، مشيرة إلى أن عملية التطعيم "تخلو من أي نظام واضح المعالم".

ووصف الكاتب والصحافي حسن البطل، والذي حضر عند الحادية عشرة إلى ذات المكان، ولم يحصل على المطعوم بطبيعة الحال، ما يحدث بالفوضى على أكثر من مستوى.. وقال: بداية الموقع بعيد، ولا يوجد فيه أي وسائل للراحة.. وكان من الأفضل أن يكون هناك مركزان أو ثلاثة للتطعيم في مدينتين كرام الله والبيرة، وليس مركزاً واحداً فقط.. هذا أمر مرهق حقاً، خاصة أنه على ما يبدو سيكون الواحد منّا مضطراً للقدوم أكثر من مرّة للحصول على المطعوم.

أما الصحافي عمر نزال، وحصل على الطعم لكونه من أصحاب الأمراض المزمنة الصعبة، فعبّر عن استهجانه من أن بعض من حصلوا على الأرقام منذ ساعة مبكرة لم يتحصلوا عليه، لكون أعداد اللقاحات قليلة جداً، بمعنى هناك من انتظر لساعتين أو أكثر، وجميعهم من كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة الصعبة.. وقال لـ"الأيام": جئت مبكراً وحصلت على التطعيم، ولكن كان صاعقاً أن يغلق المركز أبوابه عند الحادية عشرة صباحاً أو قبل ذلك.


عن الفارق fين المطاعيم
وكان لافتاً خلال حديثنا مع الطبيب زيادة، أن أحد المسنين جاءه مستهجناً عن أن موعد الجرعة الثانية من التطعيم بعد ثلاثة أشهر، وليس بعد ثلاثة أسابيع، فأخبره اختصاصي الطب الوقائي في "صحة" رام الله والبيرة، أن الفاصل الزمني ما بين الجرعتين يختلف من لقاح إلى آخر، وأن الفترة ما بين جرعتي لقاح "أسترازينيكا" هي ثلاثة أشهر، وهو ما أكدته بالفعل عديد الدراسات العملية المنشورة بمواقع موثوقة حول اللقاح البريطاني الذي أوقف عديد الدول الأوروبية وغيرها التعامل معه لفترات متفاوتة، بعد تعرض عدد قليل ممّن تلقحوا به إلى تجلّطات دماغية، وهو ما دفع عدد من مرضى الكلى في فلسطين إلى رفضه، معبرين على صفحة "أصدقاء مرضى الكلى" في "فيسبوك" عن ذلك بوضوح.


مدير الصحة: الإقبال الشديد سبب الفوضى
بدوره، أكد الدكتور معتصم محيسن، مدير عام صحة محافظة رام الله والبيرة، أن الحكومة ووزارة الصحة خصصت موازنة كاملة لشراء المطاعيم، وتم التواصل مع عدّة جهات وشركات، وبالفعل تم شراء عدد كبير جداً من المطاعيم، والتأخير هو من قبل الجهات الموردة نفسها، لأسباب تتعلق بارتفاع وتيرة الطلب العالمي عليها، أو لأسباب سياسية أحياناً.. وقال لـ"الأيام: "العدد القليل من المطاعيم التي تم استلامه قبل إطلاق الحملة الأخيرة تم استخدامه بالكامل، ولم يتم تخزينه، ولا يصلح تخزينه، بحيث تم تطعيم الطواقم الطبية التي هي على تماس مباشر مع المصابين بفيروس كورونا (كوفيد 19)، ومن ثم طواقم طبية أخرى على رأس عملها، فيما يتواصل تطعيم الطواقم الطبية في الأيام الماضية، إضافة إلى المسنين ممن هم فوق 75 عاماً، وجميع من يعانون من أمراض مزمنة وخاصة أمراض الكلى والسرطان والقلب.

وأكد محيسن: ما حصل من فوضى في اليوم الأول من إطلاق حملة التطعيم، مردّه الإقبال الشديد من المواطنين لأخذ المطعوم، مع أننا أعلنا ولا نزال نواصل الإعلان عبر كافة وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة التسجيل في المنصة، والالتزام بموعد يحدد له من قبل الطواقم المختصة في الوزارة تبعاً لحالته الصحية، لكن تفاجأنا بأعداد كبيرة في الأيام الأولى، جميعهم من كبار السن والمرضى، واحتراماً لهم، قمنا بتطعيم من حضر حتى لو لم يكن مُسجلاً في "المنصة"، وهو ما تكرر في اليومين الثاني والثالث للأسف.. حاولنا فرز الحالات، وإعطاء الأولوية لمرضى الكلى والسرطان، وما زلنا نتواصل مع المواطنين بكل احترام، وهذا واجبنا لكونهم بمثابة آبائنا وأمهاتنا.. يوم الاثنين، وصلنا إلى رام الله والبيرة ما يقارب 500 طعم "أسترازينيكا" و100 طعم "فايزر"، وتم توزيع المطاعيم حسب الحالات الصحيّة، حيث حصل كبار السن ما فوق التسعين عاماً ومرضى الكلى على لقاح "فايزر"، وبقية المواطنين بمن فيها الطواقم الطبية حصلوا على لقاح "أسترازينيكا".

ولفت محيسن: كان ثمة أقاويل أن لقاح "أسترازينيكا" يتسبب بعوارض جانبية قد تصل إلى التجلطات، وعليه أعلنت وزيرة الصحة تأخير استلام هذا اللقاح لحين صدور تصريح رسمي من منظمة الصحة العالمية بهذا الخصوص، وحين صدر بيان من المنظمة يوضح أمان هذا اللقاح استكملت عملية استيراده.. نحن مسؤولون عن صحة أبناء شعبنا، ولا يمكن أن نقدّم للمواطن ما يتسبب بضرره.

وشدد محيسن لـ"الأيام": ليس لديّ أرقام محدّدة بخصوص عدد المواطنين ممن أخذوا اللقاح في كافة الضفة الغربية أو محافظات الوطن، لكن بالتواصل مع مدراء الصحة في المحافظات الأخرى، يتضح أن حالة الإقبال شديدة جداً، وما يحدث في رام الله يحدث في بقية المحافظات.. نحن نسعى في وزارة الصحة، وضمن الإمكانيات والأعداد المحدودة لدينا تغطية أكبر شريحة ممكنة من أبناء شعبنا، وفق خطة المراحل التي وضعتها الوزارة.

وفيما يتعلق بموضوع الالتزام بمنح الأولوية لمن قاموا بالتسجيل على المنصة تبعاً لتعليمات وزارة الصحة، وطبقاً لمستحقي اللقاح، وليس من قبيل من يأتي أولاً، أجاب محيسن: نحن نسعى جاهدين في الوزارة، وبكافة الطرق، لتوعية المواطنين، والتأكيد عليهم بضرورة الالتزام بالتسجيل في المنصة، وانتظار الاتصال من الجهات ذات الاختصاص في الوزارة، لكن هناك صعوبة في ضبط الإقبال الشديد للمواطنين، خاصة مع العدد القليل جداً للمطاعيم قياساً بمن يحضرون إلى مراكز التطعيم.. ستأتينا كميات من مطاعيم أخرى في الفترة القادمة، ونأمل أن تتم عملية التطعيم باللقاحات المضادة لـ"كوفيد 19" بسلاسة أكثر
.