الرئيسية » الاخبار »   26 كانون الأول 2020  طباعة الصفحة

سياسات قطاع الاسكان في فلسطين في يوم (الإسكان) الموئل العالمي ويوم الإسكان العربي د. علي عبد الحميد أكاديمي وخبير التخطيط الحضري والإقليمي جامعة النجاح الوطنية، نابلس

يعتبر السكن من متطلبات الحياة الأساسية التي سعى الإنسان منذ بدء الخليقة إلى العمل على توفيرها وتجويدها، ومع تطور الحياة أصبحت قضية الإسكان من القضايا الحيوية التي تشغل الدول مهما كانت درجة تقدمها وتطورها، وتزداد هذه الأهمية في الدول النامية (ومنها فلسطين) التي تعاني من مشاكل متعددة لا تتوقف عند حدود الوضع الاقتصادي بل تتعداه للوضع السياسي والثقافي والاجتماعي، ومن هنا تأتي أهمية وضع سياسات للإسكان في هذه الدول النامية لسد احتياجات المجتمع من الوحدات السكنية ولمواجهة متطلباته المعيشية المتغيرة، وبالتالي العمل على إيجاد مشاريع تتكامل فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفنية والعمرانية والقانونية والتصنيعية والتنظيمية والإدارية والتخطيطية والتصميمية.

يمكن تعريف السياسة الإسكانية الناجحة بتلك التي تسعى الى تطوير قطاع إسكان مستدام يخدم مصالح كافة الجهات في القطاع، ويحقق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، ويستجيب لحاجات وإمكانيات كافة الشرائح السكانية بما فيها الفقراء وتمكينهم من السكن بأسعار مناسبة، وذلك بتسخير الموارد المتاحة للحصول على أفضل المساكن، وتساعد على التطور دون أثار سلبية على البيئة الحضرية والطبيعية، فالحكومات ضمن هذا المنظور تستطيع من خلال القوانين والأنظمة والإجراءات الإدارية والضرائب والدعم تشكيل سوق إسكاني فعال ومستدام يلبي احتياجات الجيل الحالي والأجيال القادمة.

ويحتل قطاع الإسكان والحق في السكن ومواجهة ظروف هدم البيوت من قبل الاحتلال في فلسطين أهميةً خاصة، لا سيما ان الأنظار تتجه صوب سياسة وطنية للتنمية الحضرية والإسكان تعتمد أبجديات المعايير الدولية باتجاه تنمية هذا القطاع، خصوصاً ان البحث يدور في فلسطين حول السكن المناسب، الحق في السكن، قضايا التمويل، محدودية الأرض لممارسة حق السكن، وحول التسهيلات للوصول إلى السكن.

إن رؤية قطاع الاسكان في فلسطين التي وضعت ضمن إطار مسودة السياسة الوطنية للإسكان في فلسطين عام 2013 والتي تتمثل في "مستوطنات بشرية مستدامة، مع سكن لائق لجميع الأسر الفلسطينية"، لم يتم اعتمادها ووضعها حيز التنفيذ.

 

ولتحقيق هذه الرؤية تطرح السياسة العامة للإسكان خمسة أهداف سياساتية تقابل خمس دعائم لقطاع الإسكان:

  1.  تمكين كافة المواطنين من الحصول على سكن ملائم وصحي وميسور التكلفة.
  2. تشجيع إنشاء نموذج نمو مستدام جديد للمستوطنات البشرية في فلسطين يأخذ بالاعتبار محدودية الأراضي والموارد الطبيعية لهذا البلد.  
  3. زيادة فرص الحصول على تمويل إسكاني لكافة الفلسطينيين.
  4. دعم وتطوير قطاع الإعمار المحلي وإدخال أنماط جديدة للبناء.
  5. تحسين القدرة المؤسساتية لهيئات قطاع الإسكان.

 

وتشمل الأولويات المشتركة التي تظهر، بشكل مباشر أو غير مباشر، في كافة الأهداف السياساتية:

  • تعزيز الإنصاف/ القدرة على تحمل التكاليف.
  • إدماج تخطيط المستوطنات البشرية مع التخطيط المكاني.
  • إزالة القيود على توفير الأراضي والبنية التحتية للإسكان.
  • مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي.
  • ملاءمة معايير ومواد البناء وأنماط المساكن.

 

ويأتي اليوم العالمي للإسكان (الموئل) هذا العام (2020) والذي يصادف يوم الأثنين الأول من شهر تشرين الأول من كل عام تحت شعار "الإسكان للجميع: مستقبل حضري أفضل" في ظل أزمة وباء "كوفيد-19" والتحديات الناجمة في كافة مناحي الحياة ومنها قطاع الإسكان.

 

إننا في فلسطين بحاجة ماسة للإسراع في اعتماد مسودة السياسة الوطنية للاسكان (2013) لمواجهة التحديات المختلفة، وأهمها:

  • إجراءات الإحتلال وسياساته التي تشكل عقبة أمام التنمية الحضرية ونهوض قطاع السكان،
  • عدم توفر برامج تمويلية مؤهلة لتلبية الاحتياجات في قطاع الإسكان وغياب برامج لتمويل السكن الميسر أو لذوي الدخل المحدود وارتفاع نسبة الفائدة على قروض الإسكان، واقتصار الحصول على التمويل على ذوي الدخول المرتفعة، كما تنخفض مقدرة الإنفاق على تملك المسكن.
  • غياب استراتيجيات ومشاريع إسكانية تعالج احتياجات الفئات المختلفة.
  • الزيادة الطبيعية في عدد السكان وازدياد الحاجة للسكن الملائم في الوقت الذي تعاني الضفة الغربية والقدس من سياسات الاحتلال وحرمان الأُسر الفلسطينية من ممارسة هذا الحق، وارتفاع أسعار الأراضي في داخل التجمعات السكانية لمحدوديتها ومحدودية إمكانيات التوسع لأسباب تتعلق بتصنيف الأراضي والموافقات على توسيع المخطط الهيكلي على كامل المساحة المتاحة.
  • الحاجة لتطوير وتنظيم سوق الرهن العقاري في فلسطين وسوق التأجير التمويلي.
  • ضعف القدرة على تحديد الطلب الفعلي للإسكان وهو عدد الأُسر التي تحتاج بيوتاً ولا تجدها. على الرغم من توفر عدد كبير من الشقق ولكن بأسعار مرتفعة تفوق قدرة الأسر محدودة الدخل على حيازتها.
  • التحديات الناجمة عن وباء "كزفيد-19" من خلال الحاجة الماسة لتوفير مساكن صحية أكثر ملائمة للمصابين خلال فترة الحجر الصحي، وخاصة الفئات المهمشة والفقيرة.