الرئيسية » الاخبار »   02 تشرين الثاني 2020  طباعة الصفحة

الصناعات الغذائية في غزة تحديات كبيرة ومحاولات للاستمرار

 

كتب: محمد الجمل خاص ب (صدى المستهلك) ملحق مع صحيفة الايام بمناسبة يوم المنتجات الفلسطينية

____________________

منذ بدء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، تعرض قطاع الصناعات الغذائية لانتكاسات متتالية، عل أبرزها وقف تصدير إنتاجه إلى أسواق الضفة الغربية والخارج، وتقييد دخول المواد الخام، ومنع إدخال الآلات الحديثة، وقطع غيار الماكينات، إضافة لتردي الوضع الاقتصادي الامر الذي افضى لصعوبة في تسويق المنتوجات.

قطاع الصناعات الغذائية المنهك حاول الصمود، رغم كل التحديات، واستمرت الماكينات بالعمل وخطوط الإنتاج بضخ إنتاجها للأسواق، لكن بوتيرة أقل بكثير من السابق، في حين اضطر مستثمرون إما لوقف مصانعهم، أو نقلها للخارج.

قطاع منهك

ويقول تامر الوادية، مالك مصنع ألبان في قطاع غزة، إنه أنشأ مصنعه وفق أحدث طراز، وجودة الإنتاج لديه تضاهي الأنواع الأخرى المتوفرة في الأسواق، لكنه يعاني بسبب إغلاق منافذ التصدير أمامه، فمصنعه قادر على إنتاج 5 طن من الألبان خلال الساعة الواحدة، لكنه يعمل الآن بطاقة تتراوح ما بين 30-40% فقط من قدرته الإنتاجية، بسبب ضعف التسويق.

وأوضح الوادية أن الصناعات الغذائية في قطاع غزة تاريخياً كانت تعتمد على التصدير، وإغلاق منافذ التصدير أدى إلى تراجع هذه الصناعات ،وأن سوق الضفة الغربية بحاجة الى منتجات قطاع غزة وهناك ثقة لدى المستهلكين بجودتها، وفي حال فتحت مجالات التصدير أمامها سيكون الوضع مختلف تماماً، وسيشهد هذا القطاع تنامي وتعافي سريع.

ووفق المعلومات والبيانات الرسمية، فقد كانت تصدر مصانع المواد الغذائية المتواجدة في قطاع غزة 85% من إنتاجها لأسواق الضفة الغربية قبل العام 2007، إذ يقول رئيس جمعية رجال الاعمال في غزة، علي الحايك، إن "إسرائيل تمنع الصادرات من غزة إلى الضفة الغربية، وتمنع تصدير المواد الغذائية إلى الضفة الغربية والعالم العربي بحجج أمنية، وهي تستورد من غزة خردة النحاس والحديد، ما يتنافى مع الحجج الأمنية"، التي تحاول أن تسوقها.

ويضيف الحايك إنه وقبل الحصار كان يعمل 35 ألف عامل في الصناعات الفلسطينية، وهبط عدد العمال إلى نحو عشرة آلاف، من بينهم خمسة آلاف عامل وعاملة في 600 مشغل ومصنع نصفها من المخابز، وآخرون في مصانع إنتاج المخللات، والمشروبات الغازية، والعصائر، والنقارش، والحلويات، وغيرها".

في حين أكدت دراسة حديثة على حدوث تراجع حاد في عدد منشآت قطاع الصناعات الغذائية وقدرتها الإنتاجية على مدار السنوات الخمس الماضية، موضحة أن نحو 2700 عامل كانوا يعملون في هذه المنشآت عام 2013، وأن القدرة الإنتاجية بلغت في حينه 50%، وحتى نهاية العام الماضي بلغ عدد العاملين في القطاع ذاته 990 عاملاً، وبقدرة إنتاجية بلغت 22% فقط.

أربع مشكلات

في حين يرى رجل الأعمال إياد غبون، أمين صندوق اتحاد الصناعات الغذائية، أن الصناعات الغذائية في قطاع غزة تعاني أربع مشاكل رئيسية، أولها وأخطرها إغلاق منافذ التصدير، وهذا يجبر تلك الصناعات على الاعتماد على السوق المحلية المنهكة والضعيفة، والمشكلة الثانية تتمثل في اهتراء مكن التصنيع، فالصناعات الغذائية على مستوى العالم تحتاج إلى تجديد ماكينات التصنيع مرة كل عشر سنوات على الأقل، لكن الاحتلال يمنع دخول ماكينات حديثة للقطاع، ما يجبر أصحاب المصانع على استمرار صيانة ماكيناتهم القديمة والاعتماد عليها.

أما عن المشكلة الثالثة بحسب غبون، فأكد أن المستثمرين في هذا المجال بحاجة إلى تعاون وتسهيلات أكبر من قبل البنوك العاملة في فلسطين، وتسهيل منحهم قروض، وتمويل ميسر، لأن هذه الصناعات بحاجة إلى رأس مال كبير، سواء للعاملين في المجال، أو الراغبين في دخوله.

وحول أخطر وأهم المشاكل أوضح غبون أن هذه الصناعات تفتقد لحماية المنتج ، فيسمح باستيراد سلع لها بديل مُصنع محلياً، والأكثر من ذلك أن السلع التي تصنع في القطاع تتعرض لشروط تصنيع صعبة وقاسية، من قبل الوزارات المعنية، في حين أن المنتجات التي تصل من الخارج يكون شروط استيرادها ميسرة، ولا ترهق من يقوم بعملية الاستيراد، عدا عن رغبة المستهلك بشراء السلعة المستوردة، ما يزيد من صعوبة الأوضاع.

ودعا غبون لتضافر الجهود من أجل النهوض بقطاع الصناعات الغذائية في غزة من جديد، عبر علاج المشكلات الأربعة المذكورة، وتوفير حاضنة للعاملين في هذا المجال وتشجيعهم، فإنعاش هذا القطاع يحسن الاقتصاد المنهك، ويساعد في توفير فرص عمل للمتعطلين.

ومنذ نهاية العام 2014، بدأت إسرائيل بإتاحة تسويق محدود من حيث الكم والنوع لبضائع من غزة، مثل منتوجات الحياكة والأثاث، لكن القسم الأكبر من الإنتاج لا يزال ممنوعاً من التسويق.

مصانع انتقلت للخارج

الخسائر المتتالية التي تعرض لها المستثمرون في مجال الصناعات الغذائية، وضعف التسويق، ومشكلات أخرى، جعلت بعضهم يلجئون لنقل نشطاهم التصنيعي إلى خارج قطاع غزة، في محاولة للتعافي من جديد، إذ انتقل مصنع للمعلبات الغذائية يملكه أحد المستثمرين إلى مصر "وبات يصدر ويسوق منتوجاته إلى الضفة ومصر.

بينما أقام رجل أعمال آخر مصنعا ضخماً للحلويات في مصر، ينتج نحو مئة صنف، ويسوقها ويصدرها دون أية عوائق أو عراقيل، كما افتتح مستثمر آخر من غزة مصنعاً للمشروبات الغازية في مدينة أريحا بالضفة الغربية.