الرئيسية » الاخبار »   28 آذار 2020  طباعة الصفحة

ورقة حول أثر إعلان حالة الطوارئ وإغلاق المنشآت على العلاقة العمالية في فلسطين إعداد: راسم كمال، اسحق مراغة، وهيا عمري - كمال ومشاركوه، محامون ومستشارون قانونيون

محامون ومستشارون قانونيون

 

في الخامس من آذار من العام 2020، أصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسياً بإعلان حالة الطوارئ في عموم الأراضي الفلسطينية لمواجهة فايروس كورونا (كوفيد-19) ومنع تفشيه. في ذات اليوم، أصدر رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه جملة من القرارات تضمنت تعطيل كافة المؤسسات التعليمية لمدة (30) يوم، وحظر التنقل ما بين المحافظات إلا في حالات الضرورة القصوى حفاظاً على سلامة المواطنين. كما صدرت قرارات لاحقة في العديد من المحافظات تقضي بإغلاق المطاعم والمقاهي والأماكن السياحية.
وبتاريخ 10 آذار 2020، أصدرت وزارة العمل قراراً بتطبيق أحكام المادة (38) من قانون العمل رقم (7) لسنة 2000 على القرارات الصادرة عن المحافظات بإغلاق المنشآت (النوادي والمقاهي والمطاعم والأماكن السياحية)، بحيث يقضي بإلزام أصحاب العمل بدفع أجور العمال والموظفين كاملةً طوال فترة التعطل ولمدة لا تتجاوز الشهرين. لاحقاً لذلك، وبتاريخ 16 آذار 2020، تم الاتفاق ما بين وزارة العمل والمجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص واتحاد النقابات العمالية على إلزام أصحاب العمل بدفع (50%) من أجور العمال والموظفين لديهم على ألا يقل المبلغ المدفوع عن (1,000) ألف شيكل، وأن يتم دفع المبلغ المتبقي بعد الانتهاء من الأزمة. في 22 آذار 2020، أصدر رئيس الوزراء د. محمد اشتيه قراراً بفرض قيود إضافية على حرية الحركة، شملت – ضمن أمور أخرى - منع الحركة ما بين المحافظات، ومنع الوصول لمراكز المدن من القرى والأرياف، وإلزام المواطنين بالتزام بيوتهم، وإغلاق معظم المنشآت غير الحيوية (العامة والخاصة). وقد نتج عن ذلك بطبيعة الحال تعطيل بل شلل شبه كامل لكافة مؤسسات القطاع الخاص (وجزء من مؤسسات القطاع العام) باستثناء بعض القطاعات التي تم تحديدها بموجب أنظمة وتعليمات صادرة عن جهات الاختصاص.
وبطبيعة الحال، نتج عن تنفيذ مرسوم حالة الطوارئ والقرارات المتفرعة عنه تعطل مئات بل آلاف الموظفين والعمال عن عملهم بسبب إغلاق المنشآت ومؤسسات القطاع الخاص، ناهيك عن الجدل الذي أثاره قرار وزارة العمل والاتفاق اللاحق بين الوزارة وممثلي القطاع الخاص واتحادات العمال في المجتمع الفلسطيني. في ظل ذلك، ظهرت عدة تساؤلات حول الآثار الذي سترتبها حالة الطوارئ وتعطل مؤسسات القطاع الخاص على العلاقة ما بين العامل وأصحاب العمل، والتكييف القانوني لفترة التعطل، ومدى استحقاق العامل لأجره عن فترة التعطل الإجباري. ستحاول هذه الورقة الإجابة على هذه التساؤلات وتقديم التوصيات في إطار النظام القانوني الناظم لحالة الطوارئ. كما سنسلط الضوء على أنظمة قانونية في بلدان أخرى عالجت هذا الموضوع.

حالة الطوارئ في ظل القانون الفلسطيني

على الرغم من عدم وجود قانون مدني عصري في فلسطين (سوى مجلة الأحكام العدلية من الحقبة العثمانية)، إلا أن مشروع القانون المدني الفلسطيني، وعلى وجه التحديد أحكام المادة (151) منه، تطرق للظروف الاستثنائية أو الحالات الطارئة بالقول: "إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي أصبح مرهقاً للمدين، يهدده بخسارة فادحة، جاز للمحكمة تبعاً للظروف أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك". أما القانون المدني الأردني لسنة 1967 (غير الساري في فلسطين) فقد تطرق إلى هذا الأمر من خلال المادة (205) منه، والتي تنص على "إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك". فيما يتعلق بالحالة الطارئة القائمة حالياً في فلسطين؛ يمكن تكييف تفشي فايروس كورونا، مع ما رافقه من قرارات طوارئ حكومية والقرار بقانون بشأن حالة الطوارئ، على أنه ظرف استثنائي (حالة طارئة) وفقاً لهذا التفسير. مع ذلك، تنبغي الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من كون كلا النصين غير مطبقين في فلسطين - كون الأول مسودة قانون لم تسن بعد، والثاني ساري في المملكة الأردنية الهاشمية دون فلسطين - إلا أننا نستنتج من المادتين في الحالتين أن المشرع قد أخذ بمعيار "المعقولية" والموازنة ما بين المصالح في تنظيم العلاقة ما بين الأطراف – وهو ما سنركز عليه خلال هذه الدراسة.
عودةً على قانون العمل الفلسطيني النافذ رقم (7) لسنة 2000، والذي يعتبر الإطار القانوني الناظم للعلاقة التعاقدية بين أطراف العلاقة؛ نجد بأنه لم يتطرق إلى أثر حالة الطوارئ والظروف الاستثنائية على العلاقة العمالية الأمر الذي يحملنا على الاجتهاد في هذه المسألة. وعليه، نبدي رأينا من خلال النقاط التالية:
1- من جهة، نصت المادة (1) من قانون العمل عند تعريف الأجر الأساسي على أن الأجر "هو المقابل النقدي و/أو العيني الذي يدفعه صاحب العمل للعامل مقابل عمله، ولا يدخل في ذلك العلاوات والبدلات أياً كان نوعها". كما نصت المادة (81) من ذات القانون على "يستحق العامل أجره إذا تواجد في مكان العمل وإن لم يؤدِ عملاً لأسباب تتعلق بالمنشأة". ويعني ذلك أن العامل يستحق أجراً إن تواجد في مكان العمل وأدى عملاً (أو حتى لو لم يؤدِ عملاً لأسباب تتعلق بالمنشأة طالما كان متواجداً في مكان العمل)؛ إلا أنه لا يستحق أجراً في حال لم يتواجد بمكان العمل. وعليه، وبمفهوم هاتين المادتين، فإن الموظفين الذين لا يعملون ولا يتواجدون في المنشأة في الظروف الطبيعية لا يستحقون أجراً.
2- من جهة أخرى، نصت المادة (38) من قانون العمل على أنه "لا يتنهِ عقد العمل في حال صدور قرار إداري أو قضائي بإغلاق المنشأة أو بإيقاف نشاطها مؤقتاً لمدة لا تزيد عن شهرين، وعلى صاحب العمل الاستمرار في دفع أجور عماله طيلة فترة الإغلاق أو الإيقاف المؤقت مع مراعاة الأحكام الواردة في هذا القانون والمتعلقة بفترة التجربة". يحتمل هذا النص معنيين. الأول، يمكن تفسير "قرار الإغلاق الإداري" تفسيراً واسعاً على أنه يشمل القرارات الصادرة عن المحافظين الإداريين بإغلاق المطاعم والمقاهي والنوادي وغيرها من المنشآت، مما يعني جواز تطبيق نص المادة (38) على حالة الطوارئ هذه؛ والثاني، تفسير "قرار الإغلاق الإداري" تفسيراً ضيقاً على أنه يتعلق بمنشأة محددة لمعالجة حالة محددة فقط؛ مما يعني عدم انطباق المادة على حالة الطوارئ هذه التي تطال الجميع.
ولو تطرقنا أولاً لأحكام المادة (38) من قانون العمل المبين أعلاه، فإن تبني المعنى الأول (القاضي بانطباقها على قرارات المحافظين بإغلاق بعض المنشآت التجارية) يحمل في طياته تمكين صاحب العمل من إنهاء العقد بانتهاء مدة الشهرين، دون اعتبار الإنهاء فصلاً تعسفياً، وبالتالي عدم إلزامه بدفع بدل الفصل التعسفي. وعليه، فإن تسرع بعض الجهات في تطبيق ذلك النص على الوضع الحالي، وإن كان سيخدم العمال على المدى القصير، إلا أنه سيلحق بهم ضراراً شديداً على المدى البعيد (بعد مرور الشهرين). مع ذلك، فيما لو طرح نزاع عمالي حول انطباق المادة (38) آنفة الذكر على الوضع الراهن أمام المحاكم الفلسطينية، نرى بأنه على الأرجح أن تقوم المحاكم الفلسطينية بتبني المعنى الأول للنص وأخذه على إطلاقه؛ بمعنى إلزام أصحاب العمل بدفع كامل أجر الموظفين المتغيبين عن العمل لمدة شهرين في ظل هذه الظروف الطارئة.
وما يعزز هذا الاستنتاج قيام وزارة العمل الفلسطينية بتفسير هذا النص بالشكل الذي يلزم أصحاب العمل بدفع كامل أجرة الموظفين طوال فترة التعطل. على الرغم من ذلك، فنحن نرى بأن ما قصده المشرع بـ "قرار الإغلاق الإداري" هو القرار الصادر بسبب قيام (أو الامتناع عن قيام) منشأة محددة بأفعال تخالف القانون، أي عندما يكون صاحب العمل هو السبب في صدور قرار الإغلاق. لذلك نرى عدم جواز تطبيق أحكام المادة (38) على الحالة الراهنة، لما قد تحمله من آثار سلبية على طرفي الإنتاج. نشير هنا إلى أن قرار وزارة العمل حول المادة (38) غير ملزم قانونياً، إذ أن وزارة العمل تختص بتنفيذ القانون لا تفسيره.
فيما يتعلق بالمواد (1) و(81) من قانون العمل والذي سبق وأن تم الإشارة لهما آنفاً، فإنهما ينصان صراحة على أن دفع الأجر منوط بتأدية العمل أو على الأقل التواجد في مكان العمل. بمفهوم المخالفة، فإن تغيب العامل عن مكان العمل يعني حرمانه من حقه بالأجر. إلا أنه في ظل الظروف الطارئة هذه، وبما أن عدم حضور العامل إلى العمل وعدم تشغيل صاحب العمل للمنشأة لا ينبع من إرادة أي منهما، ينبغي قراءة النص بشكل متوازن ومتأني. تحقيقاً للعدالة، تستدعي حالة الطوارئ قراءة هذا المواد في ظل الأحكام والمبادئ المدنية العامة المطبقة في فلسطين، ومن ذلك؛ المادتين (17) و(31) من مجلة الأحكام العدلية واللتان تنصان على أن "المشقة تجلب التيسير" و"الضرر يدفع بقدر الإمكان" على التوالي. ومؤدى هذه المواد أن الظروف الطارئة والخارجة عن إرادة الأطراف تعطي الحق لأي من طرفي العقد بوقف تنفيذ التزاماته بشكل مؤقت لحين زوال الظرف الطارئ.
وعليه، وعملاً بالمادتين (17) و(31) من مجلة الأحكام العدلية، وقياساً على معيار المعقولية الذي نصت عليه المواد (151) من مشروع القانون المدني الفلسطيني و(205) من القانون المدني الأردني؛ فإنه من العدالة أن تتم الموازنة بين دفع الضرر عن أطراف العلاقة العمالية بالقدر المعقول. وفي هذا السياق، يجب - من جانب - الأخذ بعين الاعتبار حقيقة كون معظم المنشآت في فلسطين منشآت صغيرة أو متناهية الصغر وذات طابع خدماتي؛ وبالتالي، فإن قرار إغلاقها لشهر أو شهرين (أو ربما لفترة أطول) وإلزامها في ذات الوقت بدفع الأجر الكامل للعمال عن فترة الإغلاق من شأنه التسبب بانهيار تلك المؤسسات، حيث أنه يستحيل من الناحية المادية على كثير من تلك المؤسسات تسديد الأجور في ظل توقف دخلها تماماً؛ الأمر الذي يؤدي إلى استحالة تطبيق التوجيهات التي تدعو إلى دفع الأجر الكامل لهؤلاء الموظفين. ومن جانب آخر، يجب مراعاة حقيقة الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للعمال والموظفين وحاجتهم لسد احتياجاتهم الأساسية. وعليه، عند وضع هاتين الحقيقتين في كفتي الميزان، نجد أنه من غير المعقول في ظل هذه الظروف الطارئة تطبيق نص المادتين (1) و(81) من قانون العمل الفلسطيني بحرفيته.

حالة الطوارئ في ظل فراغ التشريعات الفلسطينية

يتضح مما سبق ذكره وجود فراغ تشريعي في القانون الفلسطيني، مما يستدعي محاولة الوقوف على ما ذهبت إليه قوانين البلدان الأخرى في هذا المجال.
عالج القانون الأردني مسألة الظروف الاستثنائية في العقود المدنية تحت مسمى "وقف العقود"، حيث تم تعريف وقف العقود وفقاً للرأي الغالب في التفسيرات الفقهية الأردنية على أنه "عبارة عن انقضاء مؤقت لا رجعة فيه للالتزامات الناشئة عن عقد العمل دون أن يؤثر ذلك على بقاء العلاقة التعاقدية أو يرتب مسؤولية تعاقدية".[1] كما نصت المادة (50) من قانون العمل الأردني رقم (18) لسنة 1996 وتعديلاته على أنه "إذا اضطر صاحب العمل إلى وقف العمل بصورة مؤقتة بسبب لا يعزى إليه وليس في وسعه دفعه فيستحق العامل الأجر الكامل عن مدة لا تزيد على العشر أيام الأولى من توقف العمل خلال السنة، وأن يدفع للعامل نصف أجره عن المدة التي تزيد عن ذلك، بحيث لا يزيد مجموع التعطيل الكلي المدفوع الأجر عن ستين يوماً في السنة".[2]
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فتشجع قوانينها على فكرة العمل عن بعد في حال كانت طبيعة العمل مرنة ويمكن للعامل إنجاز المهام الموكلة إليه دون أن يكون هناك حاجة لتواجده في مقر العمل؛ أضف إلى ذلك أن قانون العمل الإماراتي يعطي الحق لصاحب العمل في تحديد أوقات الإجازة السنوية. وعليه، يمكن لصاحب العمل أن يعتبر فترة تعطل العامل بسبب فايروس كورونا جزءاً من إجازات العامل السنوية والتي تصل إلى (30) يوم في السنة. كما تم منح العاملين الذين كانوا خارج الإمارات خلال فترة تفشي وانتشار الفايروس وعادوا إلى البلاد إجازة إضافية مدفوعة الأجر لمدة (14) يوم وهي "فترة حضانة الفايروس"، وفي حال انتهت هذه المدة يتم منح العامل إجازة غير مدفوعة الأجر.
في المقابل، قامت سنغافورة بإصدار تعليمات تمنح العامل الذي كان متواجداً في منطقة موبوءة وعاد للعمل إجازة مدفوعة الأجر طوال فترة الحضانة، وهي (14) يوماً. وبخلاف ذلك، تم منح رب العمل عدة خيارات لغايات الاتفاق عليها مع العامل، ومن ضمنها اعتبار مدة الحضانة على أنها جزء من الإجازة المرضية، أو منح العامل حق طلب خصم هذه المدة من الإجازة السنوية، أو الاتفاق مع العامل على اعتبار هذه المدة إجازة غير مدفوعة الأجر.
في تايلند، فقد منحت التشريعات التايلندية صاحب العمل حق خصم فترة التعطل عن العمل من إجازاته السنوية، إلا أنه لم يتطرق إلى مسألة استنفاذ العامل للإجازة السنوية. كما أكدت التشريعات على أنه لا يمكن لصاحب العمل إجبار العامل على الحصول على إجازة بدون راتب دون الحصول على موافقة العامل الصريحة بذلك.
وفي ألمانيا، نجد بأن التشريعات الألمانية لم تعالج مسألة العمل عن بُعد؛ مما حدا بشراح وفقهاء القانون فيها التصدي لهذه المسألة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. وقد اتجه شراح القانون الألمان إلى أن أصحاب العمل يتوجب أن يقوموا بتوفير بيئة آمنة للعامل والتي قد تكون إحدى صورها العمل في المنزل، بعد توفير الوسائل التقنية اللازمة. في حال امتنع العامل عن الامتثال لأمر العمل من المنزل، فإن أغلب الآراء القانونية في ألمانيا تتجه إلى اعتبار صاحب العمل في حل من التزاماته العقدية بموجب عقد العمل، ويكون غير ملزم بدفع الأجرة للعامل. بالإضافة لذلك، فإن قانون العمل الألماني اعتبر غياب العامل غير المشروع عن العمل من دون الحصول على تقرير طبي يقضي بضرورة بقاء العامل بالمنزل، أو دون صدور قرار بالحجر على العامل صحياً من قبل السلطات المختصة، أو دون الحصول على موافقة رب العمل بمثابة خرق لعقد العمل من قبل العامل؛ وفي حال تم الحجر على العامل بقرار صادر عن الجهات المختصة، فإن صاحب العمل يكون ملزم بدفع راتب العامل لمدة (5) أيام فقط، وبعد ذلك يتم تفعيل نظام التعويضات والضمان الاجتماعي الألماني.
أما بالنسبة للتشريعات الاسرائيلية، فتنص التشريعات على حق العامل بالمكوث في المنزل لغايات الوقاية من الإصابة بفايروس كورونا دون أن يكون هناك حق لصاحب العمل بإنهاء خدمات العامل؛ ويعتبر مكوث العامل في منزله طوال هذه الفترة بمثابة إجازة غير مدفوعة الأجر، إلا أن العامل يستحق بدلات مالية عن تلك الفترة حسب الأنظمة والقوانين الذي نظمت مسألة البطالة وفقاً للتشريعات الإسرائيلية من خلال مؤسسة التأمين الوطني.
وبناء على كل ما ذكر، وبناء على الفراغ التشريعي الذي تم توضيحه أعلاه، فإننا نوصي بما يلي:
1- ضرورة تدخل تشريعي عاجل عن طريق تعديل قانون العمل لمعالجة حالة الطوارئ والظروف الاستثنائية صراحةً.
2- ضرورة قيام أصحاب العمل بخلق توازن ما بين مصلحة المنشأة بالاستمرار ومنعها من الانهيار من جهة، وظروف الموظفين وتحدياتهم واحتياجاتهم المعيشية من جهة أخرى. وفي هذا الصدد نقترح بعض الخيارات نجملها بما يلي:
1- إلزام الموظفين المتعذر عليهم الحضور لمكان العمل بالعمل من المنزل إن أمكن، وفي حال تعذر عليهم، إلزامهم باستهلاك إجازاتهم السنوية مدفوعة الأجر خلال تلك المدة؛ سيما وأن مصلحة العمل تقتضي ذلك.
2- تحفيز العمال الذين استنفذوا إجازاتهم السنوية على أخذ سلف من إجازاتهم السنوية عن السنوات المقبلة.
3- الاتفاق ما بين أصحاب العمل والعمال على أخذ العمال إجازة بدون راتب.
4- قيام الحكومة بتخفيض الضرائب المفروضة على أصحاب العمل أو إعفائهم منهم خلال فترة الأزمة، حتى يتمكن أصحاب العمل من تأمين أكبر قدر ممكن من الأموال لغايات تغطية أجور العمال والموظفين.
5- الاتفاق ما بين أصحاب العمل والعمال على قيام أصحاب العمل بدفع جزء من الراتب عن فترة التغيب وفقاً لقدراتهم المالية.
6- أخيراً، نرى ضرورة التعاون ما بين أطراف العلاقة العمالية في ظل هذه الظروف بما فيه مصلحة للجميع.
في جميع الأحوال، يجب أن تكون الحلول عملية وواقعية وقابلة للتطبيق، وأن تأخذ بعين الاعتبار الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للعمال والموظفين لسد احتياجاتهم الأساسية من جهة، ووضع المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية والخدماتية في فلسطين - كون معظمها صغير ومتناهية الصغر - من جهة أخرى، ومراعاة عدم قدرتها على تحمل الأعباء والصعوبات المالية، ناهيك عن التزاماتها الأخرى تجاه المؤجرين، والبنوك، ومزودي الخدمات، وسلطات الضرائب، وغيرهم.


 

[1] مركز البحوث والدراسات،"حالات وقف عقد العمل في قانون العمل الأردني" المجلد 20، العدد 4، 2005.
[2] قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 ، المادة (50).