الرئيسية » الاخبار »   17 آذار 2020  طباعة الصفحة

جمعية المستهلك: تحذر من ارتفاع الاسعار جراء تعليمات سلطة النقد التي تتيح ضخ 1.5 مليار دولار في الاقتصاد على أربعة أشهر

ترحيب بتأجيل أقساط القروض وتحفظ على تعليق تصنيف الشيكات

رام الله 16-3-2020 وفا- جعفر صدقة

وفق سلطة النقد، فإن حزمة التحفيز التي أعلنتها، أمس الأحد، ستتيح ضخ 1.5 مليار دولار في الاقتصاد على مدى اربعة اشهر، سيظهر تأثيرها في الأسواق التي تعاني ركودا، اعتبارا من بداية شهر نيسان المقبل.

الاجراء الابرز ضمن حزمة التحفيز هذه، تأجيل اقساط القروض لجميع المقترضين الافراد لمدة اربعة اشهر، واجمالي هذه القروض حتى نهية شهر كانون الثاني الماضي حوالي 3.7 مليار دولار، وتأجيل اقساط القروض للفنادق والمنشآت السياحية، الاكثر تضررا من ازمة "كورونا"، لمدة ستة اشهر، علما ان اجمالي القروض المقدمة لهذا القطاع تبلغ حوالي 81 مليون دولار. وكلا الاجراءين قابلين للتمديد، حسبما ورد على لسان محافظ سلطة النقد عزام الشوا.

"تأجيل التزامات الفنادق والمنشآت السياحية خطوة ايجابية، لكنها لا تكفي"، قال الياس العرجا، رئيس جمعية الفنادق العربية في فلسطين.

واضاف العرجا: صحيح ان تعليمات سلطة النقد تقضي بتأجيل اقساط قروض هذه المنشآت لمدة ستة اشهر، لكن هذه المنشآت لن تتمكن من العمل قبل مرور عام على الاقل من انتهاء ازمة "كورونا"، وخصوصا في مدينة بيت لحم. استعادة السياحة لن تكون ممكنة حتى تنتهي الازمة في دول المصدر، وخصوصا اوروبا، ولا مؤشرات على ذلك على ضوء تسارع انتشار الفيروس في الدول الاخرى، وتحديدا الاوروبية والولايات المتحدة".

في السنة الاخيرة، كان معدل النزلاء في فنادق بيت لحم 9 آلاف نزيل يوميا، ينفقون نحو 700 الف دولار يوميا، نصفها للإقامة في الفنادق (بمعدل 40 دولارا للفرد)، والنصف الآخر ينفقونه في الاسواق، وخصوصا في محلات الهدايا والتحف والمطاعم، "هذه المبالغ تراجعت الى الصفر، واستئناف تدفقها يحتاج الى اكثر من عام"، قال العرجا.

واضاف: "مطلوب جدولة لفترة اطول لالتزامات الفنادق والمنشآت السياحية، وخصوصا في بيت لحم".

الجزء الاكبر من السيولة المنتظرة في الاسواق، وفقا لتعليمات سلطة النقد، ستأتي من تأجيل اقساط قروض الافراد، حيث وصل اجمالي هذه القروض الى 3.7 مليار دولار، يسددون اقساطا شهرية بعشرات ملايين الدولارات، ستكون متاحة للإنفاق في الاسواق على مدى الشهور الاربعة القادمة على الاقل.

تاريخيا، فان الاستهلاك، الحكومي والخاص، هو المحرك الاساسي لنمو الاقتصاد الفلسطيني، وخلال السنوات الاخيرة شهد النمو الاقتصادي تباطؤا ملحوظا، وانكماشا في بعض السنوات، نتيجة للتراجع الحاد في الاستهلاك، فيما يعزوه كثير من المحللين والمراقبين الى تآكل القوة الشرائية للمواطنين لأسباب عدة، ابرزها انخفاض الدخل المتاح للإنفاق في ايدي المواطنين بسبب التزاماتهم تجاه البنوك، اضافة الى الصعوبات المالية التي تعانيها الخزينة العامة بسبب اقتطاعات اسرائيل من المقاصة والانخفاض الحاد في تحويلات المانحين، وحتى قبل ازمة "كورونا"، كان الاقتصاد بحاجة الى حزمة تحفيز كالتي اعلنتها سلطة النقد.

"الهدف اتاحة سيولة كبيرة نسبيا، تتراوح بين 300 و400 مليون دولار شهريا على مدى الأشهر الاربعة القادمة. هذه الاموال ستكون متاحة بشكل فوري للإنفاق في الاسواق، وهذا جيد".

وفي وقت رأى عبد الكريم في تعليمات سلطة النقد "خطوة ايجابية بالمجمل، وضرورية خصوصا لجهة تأجيل اقساط القروض"، الا انه ابدى تحفظا على تعليق تصنيف بعض العملاء (الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد المتضررين من الازمة) على نظام الشيكات المرتجعة.

وقال: "نشهد منذ سنوات ارتفاعا في عدد وقيمة الشيكات المرتجعة، وهناك جهود كبيرة لخفضها. نظام التصنيف هو الاجراء الرادع الاهم في هذا المجال. التعليمات الجديدة لسلطة النقد توفر غطاء شرعيا لإعادة الشيكات وهذا يضر بجهود سنوات للحد منها".

واضاف عبد الكريم: "نتفهم الصعوبات التي خلقتها هذه الازمة، وكان حريا بسلطة النقد عدم الاعلان عن تعليق التصنيف، وترك الامر للتسوية بين العميل وبنكه".

تعليمات سلطة النقد شملت ايضا تأجيل استحقاق الاعتمادات المستندية والسحوبات للأشهر الأربعة القادمة قابلة للتمديد، وهي عبارة عن التزامات قدمتها البنوك لموردي السلع نيابة عن المستوردين، وايضا تسهيل إجراءات تمديد سقوف بطاقات الائتمان والسقوف الممنوحة للعملاء والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والعملاء الأفراد المتضررين من الأوضاع الاقتصادية، وتوجيه الائتمان الجديد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ومنح سقوف ائتمانية مؤقتة للعملاء بما يسهم في الحفاظ على استمرار الدورة الاقتصادية، وتوفير الائتمان المباشر لقطاع الخدمات الصحية لما له من أثر مباشر في تمكين الحكومة والقطاع الخاص من التصدي للوباء.

خلافا لأزمات سابقة، والتي شهدت جدلا حول تقاسم اعبائها، فان البنوك تتحمل عبء تحفيز الاقتصاد في مواجهة تداعيت "كورونا"، بنسبة تقترب من 100%، بعدم استيفائها أية رسوم او عمولات او فوائد اضافية على تأجيل اقساط القروض أو رفع سقوف الجاري مدين او بطاقات الائتمان، او استيفاء اية كلف على الخدمات الالكترونية، وقال عبد الكريم "العبء تحملته البنوك هذه المرة . هذا سيؤدي الى تراجع ارباحها لهذا العام".

في العام 2007، ومع استئناف دفع الرواتب وجزء من المتأخرات بعد 16 شهرا من انقطاعها، وتزامن ذلك (تموز 2007) مع فترة تشهد مصاريف موسمية، كرمضان والأعياد والمدارس، شهدت الأسواق ارتفاعا كبيرا في الطلب على السلع ما أدي إلى قفزة في الأسعار، وهناك مخاوف من تكرار هذا السيناريو مع بدء ضخ السيولة في السوق تنفيذا للتعليمات الجديدة لسلطة النقد، خصوصا إن السيولة التي ستوفرها حزمة التعليمات (300-400 مليون دولار) تعادل حوالي ضعفي فاتورة رواتب موظفي الحكومة.

وحذرت جمعيات حماية المستهلك في بيان، من استغلال السيولة التي تتيحها تعليمات سلطة النقد واحتمال ارتفاع الطلب في الاسواق في رفع اسعار السلع، داعية الجهات المختصة، وخصوصا وزارة الاقتصاد، الى تشديد مراقبتها للاسواق خلال الفترة القادمة.

وقال رئيس الجمعية في محافظة رام الله والبيرة صلاح هنية: إن تعليمات سلطة النقد ستؤثر إيجابيا على المواطنين في حالة الطوارئ، وسيؤدي الى ضخ أموال في السوق ستترك اثارا إيجابية على القطاعات: التجاري والصناعي والخدماتي، "وهذا قد يفتح شهية هذه القطاعات لرفع الأسعار خصوصا أن الوضع سيعود الى سابق عقده بعد انقضاء التسهيلات من قبل البنوك".

وأضاف: الأسواق شهدت تباطؤا واضحا في الأشهر السابقة وتعمقت خلال فترة الطوارئ بسبب ازمة كورونا، ونتوقع انتعاشها بعد تعليمات سلطة النقد التي ستؤدي الى زيادة في الانفاق ورفع الطلب وبالتالي ما قد يقود لارتفاع الأسعار بصورة غير مبررة.

بدوره، قلل وزير الاقتصاد خالد العسيلي من احتمالية أن تشهد الأسواق ارتفاعا ملموسا في الطلب قد يقود الى ارتفاع في الاسعار خلال الفترة القادمة، رغم السيولة التي تتيحها تعليمات سلطة النقد.

وقال العسيلي: هناك العديد من العوامل المرتبطة بتطورات الاقتصاد العالمي، الذي يشهد ركودا في معظم الدول، اضافة الى تخوف الناس في ظل انشار فيروس كورونا، تحول دون ارتفاع ملموس في الطلب في الأسواق، بما فيها السوق الفلسطينية.

وأضاف: كحكومة، نتطلع الى زيادة في الانفاق لتحريك الدورة الاقتصادية، لكن الحالة التي نعيشها تخلق حالة من الحذر في الانفاق لدى الناس، وميلا نحو ترشيد الانفاق تحسبا للأيام القادمة

واعتبر العسيلي المشكلة الأساسية التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، كغيره من من الاقتصادات في الدول الاخرى، تتمثل بارتفاع الدولار، ما يرفع كلفة الاستيراد في اقتصاد يعتمد بنسبة تصل الى 90% على الاستيراد في توفير احتياجاته الاساسية.

وأكد أن الطواقم المختصة في وزارة الاقتصاد "تراقب الاسواق على مدار الساعة لضمان توفر السلع بأسعار عادلة ومعقولة، ومنع اية حالات استغلال"، مشيرا الى تحويل تجار للنيابة العامة لرفعهم الأسعار مستغلين حالة الطوارئ.